تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
* (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين (144) وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتصفيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك) * * قوله تعالى: * (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) فإن قال قائل: قد أعطى غيره الرسالات، فما معنى قوله: * (أصفيتك على الناس برسالاتي)؟ قيل: لما لم يكن غعطاء الرسالة على العموم في حق الناس، استقام قوله: * (اصطفيتك على الناس برسالاتي) وإن شاركه فيها غيره، وهذا مثل قول الرجل: خصصتك بمشورتي، وإن شاور غيره، لكن لما تكن المشاورة على العموم؛ استقام الكلام. * (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) لما أنعمت عليك من إعطاء الرسالة والكلام، وهذه الآية في تسلية موسى - صلوات الله عليه - حيث سأل الرؤية فلم يحظ بها.
قوله تعالى: * (وكتبنا له في الألواح) وأراد به التوراة، وفي الخبر: ' أن الله - تعالى - خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده '.
واختلفوا في تلك الألواح، قال الحسن: كانت الألواح من خشب، وقال مجاهد: كانت من زبرجد أخضر، وقال سعيد بن جبير: كانت من ياقوتة حمراء، وقال أبو العالية: كانت من برد. وقيل: نزلت الألواح والتوراة مكتوبة عليها كنقش الخاتم.
* (من كل شي موعظة) أي: تذكرة، وحقيقة الموعظة: هي التذكير والتحذير مما يخاف عاقبته. * (وتفصيلا لكل شيء) أي: بيانا للحلال والحرام وما أمروا به، وما نهو عنه * (فخذها بقوة) أي: بجد واجتهاد، وقيل معناه: بقوة القلب.
* (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) قال قطرب: أي: بحسنها. واعلم أن الأحسن ما
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»