تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٠٤
* (الشيطان ما كانوا يعملون (43) فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (44) فقطع دابر القوم الذين) * * القساوة أنا أرسلنا إليهم الرسل، وأريناهم الآيات، وأخذناهم بالبأساء والضراء، فلم يتضرعوا، ولم يعودوا عما كانوا عليه * (وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) يعني: حتى مضوا على عملهم وكفرهم.
قوله - تعالى -: * (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء) هذا فتح استدراج ومكر، وفي الآثار: ' من فتح عليه باب نعمة، فلم ير أنه مكر به فلا رأي له، ومن أصابته شدة فلم ير أنه نظر له، فلا رأي له ' يعني: في الدين.
* (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) هذا فرح بطر، وهو منهي عنه، وذلك مثل فرح قارون بما أصاب من الدنيا حتى قال له قومه: ' لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين '.
* (أخذناهم بغتة) أي: فجأة * (فإذا هم مبلسون) قال ابن عباس: آيسون من حمل خير، وقال أبو عبيدة: المبلس: النادم الحزين، وقال الفراء: هو الساكت المنقطع عن الحجة، وأنشدوا:
(يا صاح هل تعرف رسما مكرسا * قال نعم أعرفه وأبلسا) وقال آخر:
(ملك إذا طاف الغفاة ببابه * غبطوا وأنجي منهم المتبلس) قوله - تعالى -: * (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) الدابر: الأصل ها هنا؛ فيكون الدابر بمعنى: الآخر؛ ومنه قوله: ' من أشراط الساعة كذا وكذا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا '، أي: آخرا * (والحمد لله رب العالمين) حمد الله نفسه على إهلاكهم واستئصالهم، وفيه تعليمنا الحمد لله على هلاك الكفار.
قوله - تعالى -: * (قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»