* (الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا (134) يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) * * (أو الوالدين والأقربين)، * (إن يكن غنيا أو فقيرا) قال السدي: نزل ذلك في رجلين اختصما إلى النبي، أحدهما غني، والآخر فقير، وكان ضلع النبي عليه السلام إلى الفقير، وكان عنده أن الفقير لا يخاصم بالباطل، وكان الحق للغني في الباطن؛ فنزلت الآية * (إن يكن غنيا أو فقير).
قال ابن عباس: معناه: لا تجادلوا الغني لغناه، ولا ترحموا الفقير لفقره، وقال عطاء: لا تحيفوا على الفقير، ولا تعظموا الغني؛ فهذا معنى الآية، وحقيقة المعنى: قوموا بالشهادة، سواء كان المشهود عليه غنيا أو فقيرا، وسواء كان المشهود له غنيا أو فقيرا، ولا تمتنعوا عن الشهادة للغني لغناه، ولا عن الشهادة على الفقير لفقره.
وقوله: * (إن يكن غنيا أو فقيرا): يعني: إن يكن المشهود عليه غنيا، أو فقيرا * (فالله أولى بهما) أي: كلوا أمرهما إلى الله، قال الحسن: معناه: فالله أعلم بهما. * (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) قيل: معناه: فلا تتبعوا الهوى بأن تعدلوا، أي: لتكونوا عادلين، كما يقال: لا تعص فترضى ربك، وقيل: معناه: لا تتبعوا الهوى لتميلوا من الحق إلى الباطل * (وإن تلووا) وهي من اللي قال الشاعر:
(وكنت داينت به حسانا * مخافة الإفلاس والليانا) وفي معناه قولان: أحدهما: أنه خطاب للحكام، ومعنى * (وإن تلووا) أي: تميلوا إلى أحد الخصمين، أو تعرضوا عنه.
والثاني وهو قول أكثر المفسرين أنه خطاب للشهود، واللي منهم: تحريف الشهادة ' والإعراض: كتمان الشهادة والأول: قول ابن عباس، وأما القراءة الثانية: ' وإن تلوا ' فيه قولان: أحدهما: أن أصله: ' وإن تلووا ' فإدخلت إحدى الواوين