تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٤٩٢
* (ولا ليهديهم سبيلا (137) بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما (138) الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا (139) وقد نزل عليكم في) * * لا يقبل منه، ويقتل؛ لقوله - تعالى -: * (لم يكن الله ليغفر لهم).
وأكثر أهل العلم على أنه: تقبل توبته، ويحتمل أن تكون الآية في المنافقين، وقوم من أهل الكتاب، كانوا يؤمنون باللسان، ثم يرجعون إلى الكفر، ثم يأتون، فيؤمنون، ثم يرجعون إلى الكفر.
* (لم يكن الله ليغفر لهم) فإن قيل: أيش معنى قوله - تعالى -: * (لم يكن الله ليغفر لهم)، ومعلوم أن الله لا يغفر الكفر؟ قيل: أجاب النقاش في تفسيره أن معناه: أن الكافر إذا أسلم، يغفر له كفره السابق، فهذا الذي أسلم، ثم كفر ثم أسلم، ثم كفر، لا يغفر كفره السابق الذي كان يغفر لو ثبت على الإسلام * (ولا يهديهم سبيلا) أي: طريقا إلى الحق.
قوله - تعالى -: * (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) فإن قيل: ما معنى البشارة بالعذاب الأليم؟ قيل: أصل البشارة: كل خبر تتغير به بشرة الوجه، سارا كان أم مكروها، لكنه في الغالب إنما يستعمل في الخبر السار، فإذا استعمل في الخبر السيء كان على الأصل، وقيل: أراد به: ضع هذا موضع البشارة، كما تقول العرب: تحيتك السوط، وعقابك السيف.
يعنى: وضعت السوط مع التحية، قال الشاعر:
(وخيل قد دلفت بها لخيل * تحية بينهم ضرب وجيع) قوله - تعالى -: * (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) هذا في المنافقين، كانوا يوالون الكفار، ويظنون أن النصرة والغلبة لهم * (أيبتغون عندهم العزة) يعنى: أيطلبون عندهم القوة والغلبة * (فإن العزة لله جميعا) أي: القوة والغلبة كلها لله - تعالى -.
* (الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا (140) الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا) * * فإن قال قائل: قد نرى في بعض الأحوال الغلبة للكفار؛ فما معنى قوله: * (فإن العزة لله جميعا)؟ قيل: معناه: أن المقوى هو الله - تعالى - في الأحوال كلها.
وقيل: معناه: الغلبة بالحجة لله جميعا.
قوله - تعالى -: * (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم).
هذا إشارة إلى ما أنزل في سورة الأنعام * (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم....) الآية. نهى عن القعود معهم، وما حكم القعود معهم؟ أما إذا قعد معهم... ورضى بما يخوضون فيه، فهو كافر مثلهم، وهو معنى قوله: * (إنكم إذا مثلهم). وإن قعد، ولم يرض بما يخوضون فيه، فالأولى أن لا يقعد، ولكن لو قعد كارها، فلا يكفر، وهذا هو الحكم في كل بدعة يخاض فيها، فلو تركوا الخوض فيه وخاضوا في حديث غيره، فلا بأس بالقعود معهم وإن كره؛ لقوله * (حتى يخوضوا في حديث غيره) قال الحسن: وإن خاضوا في حديث غيره لا يجوز القعود معهم؛ لقوله في سورة الأنعام: * (وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) والأكثرون على أنه يجوز، وآية الأنعام مكية وهذه الآية مدنية، والمتأخر أولى.
* (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا الذين يتربصون بكم) يعنى: المنافقين ينتظرون أمركم (فإن كان لكم فتح من الله) يعنى: ظفر * (قالوا ألم نكن معكم) يعنى: كنا معكم، فاجعلوا لنا نصيبا من الغنيمة * (وإن كان للكافرين نصيب) يعنى: وإن كانت القوة للكافرين * (قالوا ألم نستحوذ عليكم
(٤٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 492 493 494 495 496 497 ... » »»