تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
* (بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (164) أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير (165) وما أصابكم يوم التقى) * * لأن الرسول بعث من بني إسماعيل إلى العرب، وقيل: هو على العموم في حق الكافة؛ فإنه بعث بشر مثلهم.
وموضع المنة في بعثه من أنفسهم للعرب: أنه كان شرفا لهم، حيث بعث الرسول منهم، وأيضا فإن القرآن نزل بلسان العرب؛ إذ كان الرسول عربيا، وكان التعلم أسهل عليهم؛ لكونه أقرب إلى أفهامهم، فالمنة في السهولة عليهم، ولأنه لما نشأ فيهم، وعرفوا صدقة وأمانته، وكان أميا مثلهم ما كان يحسن الخط، ولا يعلم شيئا، ولا سافر، ثم أتى بكتاب يخبر عن القرون الماضية وقصص الأولين، ووافق الكتب المنزلة قبله، كان أقرب إلى قلوبهم، فكان يسهل طريق الإيمان عليهم.
وقوله: * (يتلو عليهم آياته ويزكيهم) أي: يشهد بتزكية سائر الأمم، ويجعلهم أزكياء، وقيل: يطهرهم من الذنوب * (ويعلمهم الكتاب) يعني: القرآن * (والحكمة)، قال ابن عباس: الفقه والشرائع، وقال غيره: الحكمة: السنة. * (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) أي: ما كانوا من قبل إلا في ضلال مبين.
قوله تعالى: * (أو لما أصابتكم مصيبة) يعني: يوم أحد * (قد أصبتم مثليها) يعني: يوم بدر: نزلت الآية في تسلية المؤمنين، وذلك: أن يوم أحد قتل من المسلمون سبعون، وقد أصاب المسلمون منهم يوم بدر سبعين بالقتل، وسبعين بالأسر، فذلك مثليهم، فجعل الأسر مثل القتل؛ حيث جعل القتلى والأسرى يوم بدر مثلي قتلى أحد.
* (قلتم أنى هذا) من أين هذا؟ * (قل هو من عند أنفسكم) أي: بمخالفة الرسول منكم '. وعن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في تفسير قوله تعالى: * (قل هو من عند أنفسكم) أي: باختياركم الفداء؛ وذلك أن النبي خير المسلمين يوم بدر في الأسارى بين القتل والفداء، وقال لهم: ' إن اخترتم الفداء أصيب
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»