* (لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف) * * لبثت يوما، ثم نظر إلى الشمس لم تغرب بعد، فقال: أو بعض يوم * (قال) يعني الملك: * (بل لبثت مئة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) أي: لم يتغير؛ فإن التين الذي كان معه لم يتغير؛ كأنه قطف من ساعته، وكذلك العصير كأنه عصر من ساعته.
قال الكسائي: لم يتسنه، معناه: كأنه لم تأت عليه السنون، وقطف من ساعته.
وقال مجاهد: معناه لم ينتن، ومنه قوله تعالى * (من حمأ مسنون).
وقيل: أصله لم يتسنن، فقلبت إحدى النونين هاء ومثله في كلام العرب كثير، مثل: يتمطى كان في الأصل (يتمطط)، فقلبت إحدى الطائين ياء. وقال الشاعر: (يقضي البازي إذا البازي انكسر *) وكان في الأصل: (يقضض البازي).
وقوله: * (وانظر إلى حمارك) قيل: فنظر إليه، فإذا عظام بيض تلوح نخرة فركب الله تعالى العظام بعضها على بعض، وجعله حمارا من عظام، ثم أدخل فيه الدم، ثم كساه الجلد، ثم نفخ فيه الروح، فقام الحمار ونهق، وهو ينظر إليه، فهذا معنى قوله: * (ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها) يقرأ بقرائتين بالراء: نحييها، وبالزاي: يركب بعضها على بعض، من النشز، وهو الارتفاع.
وقوله: * (ثم نكسوها لحما) في الآية تقديم وتأخير، وتقديرها: وانظر إلى حمارك، وانظر إلى العظام كيف ننشزها، ثم نكسوها لحما لنحييها.