تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
* (لمن الضالين (198) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور) * * جبريل لما وقف بإبراهيم، كان يقول له: عرفت. فيقول: عرفت.
والإفاضة: الدفع بكثرة، يقال: فاض الإناء. إذا امتلأ حتى سال من الجوانب، ومنه: رجل فياض، إذا كان كثير العطاء، قال الشاعر:
(وأبيض فياض يداه غمامة * على معتقيه ما تغب نوافله) وإنما قال: * (فإذا أفضتم) لأنه يدفع بعضهم بعضا بكثرة عند الرجوع.
وقوله تعالى: * (فاذكروا الله عند المشعر الحرام) والمشعر الحرام، والمزدلفة، والجمع أسامي موضع واحد. فالمشعر: المعلم فإن المزدلفة معلم للمبيت، والوقوف، والدعاء، والجمع بين الصلاتين. وإنما سمى: جمعا؛ لأنه يجمع هنالك بين المغرب والعشاء.
وسمى: مزدلفة، من الازدلاف وهو: الاجتماع، والمزدلفة: موضع بين جبلين، يسمى أحدهما: قزح يقف عليه الإمام، وهو من جملة الحرم ولذلك سمى المشعر الحرام.
وقوله تعالى: * (واذكروه كما هداكم) أي: واذكروه بالتوحيد والتعظيم، كما ذكركم بالهداية.
وقوله تعالى: * (وإن كنتم من قبله لمن الضالين) قيل: ما كنتم من قبله إلا من الضالين، وقيل: معناه: قد كنتم من قبله لمن الضالين.
قوله تعالى: * (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) يعني: من عرفات.
فإن قيل: كيف قال: ثم أفيضوا بكلمة التعقيب والإفاضة من عرفات إنما تكون قبل الوصول إلى المزدلفة؟ قلنا: ' ثم ' بمعنى ' الواو ' ههنا، يعني: وأفيضوا. وهو مثل قوله: * (ثم كان من الذين آمنوا) أي: وكان من الذين آمنوا، فيكون
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»