* (كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون (172) إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا) * * (واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) يعني: أنكم كما تعبدونه على الإلهية، فاشكروه على الإحسان. قوله تعالى: * (إنما حرم عليكم الميتة) ' إنما ' لنفي والإثبات؛ لأنها مركبة من حرفي النفي والإثبات ' فإن ' للإثبات ' وما ' للنفي.
تقول: إن في الدار زيدا. يفهم منه وجود زيد في الدار. فإذا قلت: ' إنما زيد في الدار ' يفهم منه أنه لا أحد في الدار إلا زيد.
وأما الميتة: اسم لما خرج روحه من غير ذكاة * (والدم) معروف وفيهما تخصيص؛ فإن الشرع أباح من الميتة: السمك والجراد، ومن الدماء: الكبد والطحال.
وقوله تعالى: * (ولحم الخنزير) أي: الخنزير بلحمه وشحمه وجميع أجزائه.
* (وما أهل به لغير الله) أي: ذبح على اسم الأصنام، وأصل الإهلال: رفع الصوت، وكانوا يرفعون أصواتهم على الذبائح، قال ابن أحمر:
(يهل بالفرقد ركبانها * كما يهل الراكب المعتمر) قوله تعالى: * (فمن اضطر) يقرأ بقراءتين: بكسر النون، ورفعها، فمن قرأ بالكسر فهو على الأصل ومن قرأ بالضم فلا تباع ضمة الطاء، والاضطرار إلى أكل الميتة * (غير باغ ولا عاد) قال ابن عباس ومجاهد: غير باغ أي: غير خارج على السلطان. * (ولا عاد) ولا متعد، عاص في سفره. ففي هذا دليل على أن العاصي في سفره لا يترخص بأكل الميتة.
وقال الحسن وقتادة: * (غير باغ) أي: غير طالب للميتة على الشبع؛ فيأكله تلذذا. * (ولا عاد) ولا مجاوزا بأكله حد الحاجة.
* (فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) ظاهر المعنى.