تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢٠
قال الحسن: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قالت العرب بعضها لبعض: أما إذ ظفر محمد بأهل الحرم وقد كان الله سبحانه أجارهم من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان، فكانوا يدخلون في دين الله أفواجا، وقال عكرمة ومقاتل: أراد بالناس أهل اليمن، قال ابن عباس وأبو هريرة: لما نزلت هذه السورة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله أكبر جاء نصر الله والفتح) وجاء أهل اليمن قوم رقيقة قلوبهم لينة طاعتهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن شبنة قال: حدثنا محمد بن مصفر قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا شداد أبو عمار قال: حدثني جار لجابر قال: غدا جابر ليسلم علي فجعل يسألني عن حال الناس فجعلت أخبره نحوا مما رأيت من اختلافهم وفرقتهم فجعلت أخبره وهو يبكي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وسيخرجون من دين الله أفواجا).
" * (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) *) فأنك حينئذ لاحق به وذائق الموت كما ذاق من قبلك من الرسل، وعند الكمال يرتقب الزوال كما قيل.
إذا تم أمر نقصه توقع زوالا إذا قيل تم وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم فقال عبد الرحمن بن عوف: أتأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله، فقال: إنه ممن قد علمتم، قال ابن عباس: فأذن لهم ذات يوم وأذن لي معهم فسألهم عن قول الله سبحانه: " * (إذا جاء نصر الله والفتح) *) الآية ولا أراه سألهم إلا من أجلي، فقال بعضهم: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه، فسألني فقلت: ليس كذلك ولكن أخبر نبي الله صلى الله عليه وسلم بحضور أجله ونعيت إليه نفسه، فذلك علامة موته. فقال عمر: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم، ثم قال: كيف تلومونني عليه بعد ما ترون.
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن جعفر المطيري قال: حدثنا ابن فضل قال: حدثنا عطاء عن سعيد عن ابن عباس قال: لما نزلت " * (إذا جاء نصر الله والفتح) *) قال النبي صلى الله عليه وسلم (نعيت إلي نفسي) بأنه مقبوض في تلك السنة، وقال مقاتل وقتادة: عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سنتين
(٣٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 ... » »»