تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٧٨
ونظم الآية الرحمن علم القرآن وقدر الشمس والقمر، وقيل: هو مردود على البيان، أي علمه البيان، إن الشمس والقمر بحسبان.
ويقال: سعة الشمس ستة آلاف فرسخ وأربعمائة فرسخ في مثلها، وسعة القمر ألف فرسخ في ألف فرسخ.
مكتوب في وجه الشمس: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، خلق الشمس بقدرته، وأجراها بأمره، وفي بطنها مكتوب: لا إله إلا الله، رضاه كلام، وغضبه كلام، ورحمته كلام، وعذابه كلام، وفي وجه القمر مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، خلق الله القمر، وخلق الظلمات والنور، وفي بطنه مكتوب: لا إله إلا الله خلق الخير والشر بقدرته، يبتلي بهما من يشاء من خلقه، فطوبى لمن أجرى الله الخير على يديه، والويل لمن أجرى الله الشر على يديه.
" * (والنجم والشجر يسجدان) *). قيل: هو ما ليس له ساق من الأشجار، وينبسط على وجه الأرض، وقال السدي: هو جمع النبات سمي نجما لطلوعه من الأرض، وسجودها سجود ظلها، وقال مجاهد وقتادة: هو الكوكب، وسجوده طلوعه.
" * (والسماء رفعها ووضع الميزان) *) قال مجاهد: العدل، وقال الحسن والضحاك وقتادة: هو الذي يوزن به ليوصل به الإنصاف والانتصاف، وقال الحسين بن الفضل: هو القرآن، وأصل الوزن التقدير.
" * (أن لا تطغوا) *) يعني لئلا تميلوا وتظلموا وتجاوزوا الحق " * (في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط) *) بالعدل، وقال أبو الدرداء: أقيموا لسان الميزان بالقسط، وقال ابن عيينة: الإقامة باليد والقسط بالقلب " * (ولا تخسروا) *) ولا تنقصوا " * (الميزان) *) ولا تطففوا في الكيل والوزن.
قال قتادة في هذه الآية: اعدل يا بن آدم كما تحب أن يعدل عليك، وأوف كما تحب أن يوفى لك، فإن العدل صلاح الناس.
وقراءة العامة " * (تخسروا) *) بضم التاء وكسر السين، وقرأ بلال بن أبي بردة بفتح التاء وكسر السين وهما لغتان.
" * (والأرض وضعها للأنام) *) للخلق، وقال الحسن: للجن والإنس، وقال ابن عباس والشعبي: لكل ذي روح.
" * (فيها فاكهة) *) يعني (ألوان) الفواكه، وقال ابن كيسان: يعني ما يفكههم به من النعم التي لا تحصى، وكل النعم يتفكه بها " * (والنخل ذات الأكمام) *) أوعية التمر، واحدها: كم، وكل ما يسترنا فهو كم وكمة، ومنه كم القميص، ويقال: للقلنسوة: كمة، قال الشاعر:
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»