تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٥٤
والمهر يلزم به، فأجازوا النكاح بلفظ الهبة. وقالوا: كان اختصاص النبي (عليه السلام) في ترك المهر. والدليل على ما ذهب الشافعي إليه: إن الله تعالى سمى النكاح باسمين التزويج والنكاح، فلا ينعقد بغيرهما.
واختلف العلماء في التي وهبت نفسها لرسول الله، وهل كانت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه كذلك؟ فقال ابن عباس ومجاهد: لم يكن عند النبي صلى الله عليه امرأة وهبت نفسها منه، ولم يكن عنده (عليه السلام) امرأة إلا بعقد النكاح أو ملك اليمين، وإنما قال الله تعالى " * (إن وهبت) *) على طريق الشرط والجزاء.
وقال الآخرون: بل كانت عنده موهوبة، واختلفوا فيها. فقال قتادة: هي ميمونة بنت الحرث. قال الشعبي: زينب بنت خزيمة أم المساكين امرأة من الأنصار. قال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل: أم شريك بنت جابر من بني أسد. قال عروة بن الزبير: خولة بنت حكيم بن الأوقص من بني سليم.
" * (قد علمنا ما فرضنا عليهم) *) يعني أوجبنا على المؤمنين " * (في أزواجهم) *) قال مجاهد: يعني أربعا لا يتجاوزونها.
قتادة: هو أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين " * (وما ملكت أيمانهم) *) يعني الولائد والإماء " * (لكيلا يكون عليك حرج) *) في نكاحهن " * (وكان الله غفورا رحيما) *).
قوله: " * (ترجي من تشاء منهن) *) أي تؤخر " * (وتؤوي) *) وتضم " * (إليك من تشاء) *) واختلف المفسرون في معنى الآية، فقال أبو رزين وابن زيد: نزلت هذه الآية حين غارت بعض أمهات المؤمنين على النبيي صلى الله عليه وسلم وطلب بعضهن زيادة النفقة، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه شهرا حتى نزلت آية التخيير، وأمره الله عز وجل أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا، ويمسك من اختارت الله ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبدا، وعلى أنه يؤوي إليه من يشاء ويرجي منهن من يشاء فيرضين به، قسم لهن أو لم يقسم، أو قسم لبعضهن ولم يقسم لبعضهن، أو فضل بعضهن على بعض في النفقة والقسمة والعشرة أو ساوى بينهن، ويكون الأمر في ذلك كله إليه، يفعل ما يشاء، وهذا من خصائصه (عليه السلام). فرضين بذلك كله واخترنه على هذا الشرط، وكان رسول الله صلى الله عليه مع ما جعل الله له من ذلك ساوى بينهن في القسم إلا امرأة منهن أراد طلاقها فرضيت بترك القسمة لها وجعل يومها لعائشة وهي سودة بنت زمعة.
وروى منصور عن أبي رزين قال: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن فقلن: يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت، ودعنا على حالنا، فنزلت هذه الآية، فكان ممن أرجي منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة، فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء، وكانت ممن
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»