تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٠
فردوها عليه فعرقبت وعقرت بالسيف ونحرها لله سبحانه، وبقى منها مائة فرس، فما في أيدي الناس اليوم من الخيل فهو من نسل تلك المائة.
قال الحسن: فلما عقر الخيل، أبدله الله سبحانه مكانها خيرا منها وأسرع (من) الريح التي تجري بأمره كيف يشاء، وكان يغدوا من إيليا فيقيل بقرير الأرض بإصطخر ويروح من قرير (بكابل).
وقال ابن عباس: سألت علي بن أبي طالب عن هذه الآية فقال: ما بلغك في هذا يا ابن عباس؟
فقلت له: سمعت كعب الأحبار يقول: إن سليمان اشتغل ذات يوم بعرض الأفراس والنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب.
فقال لما فاتته الصلاة: " * (إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ردوها علي) *) يعني الأفراس وكانت أربعة وعشرون، وبقول: أربعة عشر، فردوها عليه فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف فقتلها، وأن الله سلبه ملكه أربعة عشر يوما، لأنه ظلم الخيل بقتلها.
فقال علي بن أبي طالبح: كذب كعب الأحبار، لكن سليمان اشتغل بعرض الأفراس ذات يوم، لأنه أراد جهاد عدو حتى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله للملائكة الموطنين بالشمس: ردوها علي. يعني الشمس، فردوها عليه حتى صلى العصر في وقتها.
فإن أنبياء الله لا يظلمون ولايأمرون بالظلم ولايرضون بالظلم، لأنهم معصومون مطهرون، فذلك قوله سبحانه: " * (إذ عرض عليه بالعشي الصافنات) *) وهي الخيل القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل.
قال عمر بن كلثوم: تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا.
وقال القتيبي: الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل وغيرها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (من سره أن يقوم له الرجال صفونا فليتبؤا مقعده من النار) أي وقوفا " * (الجياد) *) الخيار السراع واحدها جواد " * (فقال إني أحببت حب الخير) *) يعني الخيل، والعرب تعاقب بين الراء واللام فيقول: انهملت العين وانهمرت، وختلت الرجل وخترته أي خدعته.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»