فقال له: هذا جليسك وهذا أنيسك؟
قال: نعم.
قال: من هذا؟
قال: تلك قصته مكتوب في لوح من نحاس عند رأسه.
قال: فقرأ الكتاب فإذا فيه: أنا فلان ابن فلان ملك الأملاك، عشت ألف عام وبنيت ألف مدينة وهزمت ألف عسكر وألف امرأة أحصنت وافتضضت ألف عذراء، فبينا أنا في ملكي أتاني ملك الموت وأخرجني مما أنا فيه، فهذا التراب فراشي والدود جيراني.
قال: فخر داود مغشيا عليه.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي الهمداني قال: حدثنا عثمان بن نصر البغدادي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان قال: حدثنا الأشجعي عن الثوري عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان الناس يعودون داود يظنون أن به مرضا، ومابه مرض ومابه إلا الحياء والخوف من الله سبحانه).
وقال وهب: لما تاب الله تعالى على داود كان يبدأ إذا دعا (يستغفر) للخاطئين قبل نفسه.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا الباقرجي قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا إسحاق بن بشر قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن قال: كان داود ساجدا من بعد الخطيئة لايجالس إلا الخاطئين ثم يقول: تعالوا إلى داود الخاطىء.
ولا يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه، وكان يجعل خبز الشعير اليابس في قصعته، فلا يزال يبكي حتى يبتل بدموع عينيه، وكان يذر عليه الملح والرماد فيأكل ويقول هذا أكل الخاطئين.
قال: وكان داود قبل الخطيئة يقوم نصف الليل ويصوم النصف من الدهر، فلما كان من خطيئته ما كان، صام الدهر كله وقام الليل كله.
وأخبرنا عن إسحاق قال: حدثنا مقاتل وأبو الياس قالا: حدثنا وهب بن منبه: أن داود لما تاب الله عليه قال: يا رب غفرت لي؟
قال: نعم.