فدخل على نسائه فقال: ويحكن هل أنكرتن من أمر ابن داود ما أنكرناه؟
فقلن: أشده مايدع امرأة منا في دمها، ولا يغتسل من جنابة.
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون إن هذا لهو البلاء المبين.
ثم خرج إلى بني إسرائيل فقال: ما في الخاصة أعظم مما في العامة. فلما قضى أربعون صباحا طار الشيطان عن مجلسه، ثم مر بالبحر فقذف الخاتم فيه، فبلعته سمكة وأخذها بعض الصيادين، وقد عمل له سليمان صدر يومه ذلك حتى إذا كان العشي أعطاه سمكته وأعطى السمكة التي أخذت الخاتم، وخرج سليمان بسمكتيه فباع التي ليس في بطنها الخاتم بالأرغفة، ثم عمد إلى السمكة الأخرى فبقرها ليشويها، فاستقبله خاتمه في جوفها فأخذه فجعله في يده، ووقع ساجدا وعكفت عليه الطير والجن وأقبل عليه الناس، وعرف الذي كان دخل عليه لما كان أحدث في داره، فرجع إلى ملكه وأظهر التوبة من ذنبه وأمر الشياطين فقال: ائتوني بصخر. فطلبته له الشياطين حتى أخذ له فأتى به فجاءت له صخرة، فأدخله فيها ثم شد عليه أخرى ثم أوثقها بالرصاص والحديد، ثم أمر به فقذف في البحر.
فهذا حديث وهب بن منبه.
قال السدي في سبب ذلك: كان لسليمان (عليه السلام) مائة امرأة، وكانت امرأة منهن يقال لها: جرادة، وهي أبر نسائه وآمنهن عنده، فكان إذا أحدث أو أتى حاجة، نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها، فجاءته يوما من الأيام فقالت له: إن أخي بينه وبين فلان خصومة، وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك.
فقال: نعم. ولم يفعل، فابتلي بقوله وأعطاها خاتمه ودخل المخرج فخرج الشيطان في صورته، فقال لها: هات الخاتم.
فأعطته، فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان بعده فسألها أن تعطيه خاتمه.
فقالت: ألم تأخذه قبل؟
قال: لا. وخرج من مكانه تائها، ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما.
قال: فأنكر الناس حكمه، فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلمائهم، فجاؤوا حتى دخلوا على نسائه، فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا، فإن كان سليمان فقد ذهب عقله، وأنكرنا أحكامه، فبكى النساء عند ذلك قال: فأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا التوراة فقرأوها، فلما قرأوا