تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ١٧٨
وقال الفراء: النوص بالنون التأخر، والبوص بالباء التقدم. وجمعهما امرؤ القيس في بيت فقال:
أمن ذكر ليلى إذ نأتك تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص فمناص مفعل من ناص مثل مقام.
قال ابن عباس: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب قال بعضهم لبعض: مناص، أي اهربوا وخذوا حذركم، فلما نزل بهم العذاب ببدر قالوا: مناص، فأنزل الله سبحانه * (ولات حين مناص) * * (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا) *).
وذلك أن عمر بن الخطاب ح أسلم فشق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون، فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش، وهم الصناديد والأشراف، وكانوا خمسة وعشرين رجلا، الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم سنا، وأبو جميل ابن هشام، وأبي وأمية ابنا خلف، وعمر بن وهب بن خلف، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وعبد الله بن أمية والعاص بن وائل، والحرث بن قيس، وعدي بن قيس، والنضر بن الحرث، وأبو البحتري بن هشام، وقرط بن عمرو، وعامر بن خالد، ومحرمة بن نوفل، وزمعة بن الأسود، ومطعم بن عدي، والأخنس بن سريق، وحويطب ابن عبد العزى، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، والوليد بن عتبة، وهشام بن عمر بن ربيعة، وسهيل بن عمرو، فقال لهم الوليد بن المغيرة: امشوا إلى أبي طالب. فأتوا أبا طالب فقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له: يا بن أخ هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وماذا يسألوني؟) فقال: يقولون ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وآلهك.
فقال النبي (عليه السلام): (أتعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟) فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قولوا لا إله إلا الله). فنفروا من ذلك وقاموا وقالوا: " * (أجعل الآلهة إلها واحدا) *) كيف يسع الخلق كلهم إله واحد
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»