قلب بشر وما لا يعلمه ملك مقرب، وإنه لفي القرآن " * (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) *) الآية.
قوله: " * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *) الآية نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لأمه وذلك أنه كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد لعلي: أسكت فإنك صبي، وأنا والله أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا، وأشجع جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة، فقال له علي: اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله عز وجل: " * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) *) ولم يقل يستويان، لأنه لم يرد بالمؤمن مؤمنا واحدا، وبالفاسق فاسقا واحدا، وإنما أراد جميع الفساق وجميع المؤمنين. قال الفراء: إن الاثنين إذا لم يكونا مصمودين لهما ذهب بهما مذهب الجمع.
ثم ذكر حال الفريقين ومآلهما، فقال عز من قائل: " * (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون) *) قال أبي بن كعب وأبو العالية والضحاك والحسن وإبراهيم: العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها وبلاؤها مما يبتلي الله به العباد حتى يتوبوا، وهذه رواية الوالبي عن ابن عباس. عكرمة عنه: الحدود. عبد الله بن مسعود والحسن بن علي وعبد الله بن الحرث: القتل بالسيف يوم بدر. مقاتل: الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب. مجاهد: عذاب القبر. قالوا: والعذاب الاكبر، يوم القيامة " * (لعلهم يرجعون) *) عن كفرهم.
قوله تعالى: " * (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين) *) المشركين " * (منتقمون) *) قال زيد بن رفيع: عنى بالمجرمين هاهنا أصحاب القدر ثم قرأ " * (إن المجرمين في ضلال وسعر) *) إلى قوله: " * (إنا كل شيء خلقناه بقدر) *) وأخبرنا الحسين بن محمد، عن أحمد ابن محمد بن إسحاق السني قال: أخبرني جماهر بن محمد الدمشقي، عن هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن عبادة بن سني، عن جنادة بن أبي أمية، عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من اعتقد لواء في غير حق، أو عق والديه، أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم. يقول الله تعالى: إنا من المجرمين منتقمون).