أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد قال: حدثنا مخلد بن جعفر الباقرجي قال: حدثنا الحسين بن علوية قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا إسحاق بن بشر قال: أخبرني ابن سمعان، عن عطاء عن ابن عباس قال إسحاق: وأخبرني جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: إن بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس، وعملوا بالمعاصي، ورق خيارهم أشرارهم، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، فسلط الله عليهم القبط، فاستضعفوهم إلى أن نجاهم الله تعالى على يدي نبيه موسى (عليه السلام).
قال وهب: بلغني أنه ذبح في طلب موسى تسعين ألف وليد، قال ابن عباس: إن أم موسى لما تقارب (ولادها)، وكانت قابلة من القوابل التي وكلهن فرعون بحبالى بني إسرائيل مصافية لأم موسى، فلما ضربها الطلق أرسلت إليها، فقالت: قد نزل بي ما نزل، ولينفعني حبك إياي اليوم، قال: فعالجت قبالها، فلما أن وقع موسى (عليه السلام) على الأرض هالها نور بين عيني موسى (عليه السلام)، فارتعش كل مفصل منها ودخل حب موسى (عليه السلام) قلبها، ثم قالت لها: يا هذه ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن رأيي قتل مولودك وأخبر فرعون، ولكن وجدت لابنك هذا حبا ما وجدت حب شيء مثل حبه، فاحفضي ابنك، فإني أراه هو عدونا.
فلما خرجت القابلة من عندها أبصرها بعض العيون فجاء إلى بابها ليدخلوا على أم موسى، فقالت أخته: يا أماه هذا الحرس بالباب، فلفت موسى في خرقة، فوضعته في التنور وهو مسجور، فطاش عقلها، فلم تعقل ما تصنع، قال: فدخلوا فإذا التنور مسجور ورأوا أم موسى لم يتغير لها لون، ولم يظهر لها لبن، فقالوا: ما أدخل عليك القابلة؟ قالت: هي مصافية لي، فدخلت علي زائرة، فخرجوا من عندها، فرجع إليها عقلها، فقالت لأخت موسى: فأين الصبي؟ قالت: لا أدري، فسمعت بكاء الصبي من التنور، فانطلقت إليه، وقد جعل الله سبحانه النار عليه بردا وسلاما فاحتملته.
قال: ثم إن أم موسى (عليه السلام) لما رأت إلحاح فرعون في طلب الولدان خافت على ابنها، فقذف الله سبحانه في نفسها أن تتخذ له تابوتا، ثم تقذف بالتابوت في اليم وهو النيل، فانطلقت إلى رجل نجار من أهل مصر من قوم فرعون، فاشترت منه تابوتا صغيرا، فقال لها النجار: ما تصنعين بهذا التابوت؟