تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٤٧
" * (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) *) واختلف القراء فيه فقرأ أهل المدينة والشام: يقتروا بضم الياء وكسر التاء، وقرأ أهل الكوفة بفتح الياء وضم التاء، غيرهم بفتح الياء وكسر التاء وكلها لغات صحيحة، يقال: أقتر وقتر يقتر ويقتر مثل يعرشون ويعكفون، واختلف المفسرون في معنى الإسراف والإقتار، فقال بعضهم: الإسراف: النفقة في معصية الله وإن قلت، والاقتار: منع حق الله سبحانه وتعالى، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج وابن زيد.
أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري قال: حدثنا محمد بن عمر بن إسحاق الكلوادي قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء الرملي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سهيل بن أبي حزم عن كثير بن زياد أبي سهل عن الحسن في هذه الآية قال: لم ينفقوا في معاصي الله ولم يمسكوا عن فرائض الله.
وقال بعضهم: الإسراف أن تأكل مال غيرك بغير حق.
قال عون بن عبد الله بن عتبة: ليس المسرف من أكل ماله، إنما المسرف من يأكل مال غيره.
وقال قوم: السرف: مجاوزة الحد في النفقة، والإقتار: التقصير عما ينبغي مما لابد منه، وهذا الاختيار لقوله " * (وكان بين ذلك) *) أي وكان إنفاقهم بين ذلك " * (قواما) *) عدلا وقصدا وسطا بين الإسراف والإقتار.
قال إبراهيم: لا يجيعهم ولا يعريهم، ولا ينفق نفقة تقول الناس: قد أسرف.
مقاتل: كسبوا طيبا، وانفقوا قصدا، وقدموا فضلا، فربحوا وأنجحوا.
وقال يزيد بن أبي حبيب في هذه الآية: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة، ولا يلبسون ثوبا للجمال ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم، ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم من الحر والقر.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا ابن حنش قال: حدثنا ابن زنجويه قال: حدثنا سلمة قال: حدثنا عبد الرزاق عن أبي عيينة عن رجل عن الحسن في قوله سبحانه " * (يسرفوا ولم يقتروا) *) إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كفى سرفا ان لا يشتهي رجل شيئا إلا اشتراه فأكله.
" * (والذين لا يدعون مع الله إلاها آخر) *) الآية
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»