تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٤٠
الظل " * (دليلا) *) ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل إذ الأشياء تعرف بأضدادها، والظل يتبع الشمس في طوله وقصره كما يتبع السائر الدليل، فإذا ارتفعت الشمس قصر الظل وان انحطت طال " * (ثم قبضناه) *) يعني الظل " * (إلينا قبضا يسيرا) *) بالشمس التي يأتي بها فتنسخه، ومعنى قوله يسيرا أي خفيفا سريعا، والقبض: جمع الأجزاء المنبسطة، وأراد ههنا النقل اللطيف.
" * (وهو الذي جعل لكم الليل لباسا) *) أي سترا تستترون وتسكنون فيه " * (والنوم سباتا) *) راحة لأبدانكم وقطعا لعملكم، وأصل السبت القطع ومنه يوم السبت والنعال السبتية " * (وجعل النهار نشورا) *) أي يقظة وحياة تنشرون فيه وتنتشرون لأشغالكم " * (وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا) *) وهو الطاهر في نفسه المطهر لغيره " * (لنحيي به بلدة ميتا) *) ولم يقل ميتة لأنه رجع به إلى المكان والموضع، قال كعب: المطر روح الأرض " * (ونسقيه) *) قرأه العامة بضم النون، وروى المفضل والبرجمي عن عاصم بفتح النون وهي قراءة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ح " * (مما خلقنا أنعاما واناسى كثيرا) *) والأناسي جمع الإنسان، وأصله أناسين مثل بستان وبساتين فجعل الباء عوضا من النون، وإن قيل: هو أيضا مذهب صحيح كما يجمع القرقور قراقير وقراقر.
أخبرني الحسن بن محمد الفنجوي قال: حدثنا مخلد بن جعفر الباقرحي، حدثنا الحسن ابن علوي، حدثنا إسحاق بن عيسى قال: حدثنا إسحاق بن بشر قال: حدثنا ابن إسحاق وابن جريج ومقاتل كلهم قالوا وبلغوا به ابن مسعود: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من سنة بأمطر من أخرى ولكن الله قسم هذه الأرزاق فجعلها في السماء الدنيا في هذا القطر، ينزل منه كل سنة بكيل معلوم ووزن معلوم، ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار).
" * (ولقد صرفناه) *) يعني المطر " * (بينهم) *) عاما بعد عام وفي بلدة دون بلدة، وقيل: صرفناه بينهم وابلا وطشا ورهاما ورذاذا، وقيل: التصريف راجع إلى الريح.
" * (ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا) *) أي جحودا، وقيل: هو قولهم مطر كذا وكذا " * (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا) *) رسولا ولقسمنا النذير بينهم كما قسمنا المطر، فحينئذ يخف عليك أعباء النبوة، ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى لتستوجب بصبرك عليه ما اعتدنا لك من الكرامة والهيبة والدرجة الرفيعة.
" * (فلا تطع الكافرين) *) فيما يدعونك إليه من عبادة آلهتهم ومقاربتهم ومداهنتهم " * (وجاهدهم به) *) أي بالقرآن " * (جهادا كبيرا) *)) .
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»