تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٧ - الصفحة ١٣٥
قال: وكان النبي يسألهم عن ذلك الأسود ما فعل؟ فيقولون له: ما ندري، حتى قبض الله ذلك النبي فأهب الله الأسود من نومته بعد ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك الأسود لأول من يدخل الجنة).
قلت: قد ذكر في هذا الحديث انهم آمنوا بنبيهم واستخرجوه من حفرته فلا ينبغي ان يكونوا المعنيين بقوله " * (وأصحاب الرس) *) لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن أصحاب الرس أنهم دمرهم تدميرا إلا أن يكونوا دمروا بأحداث أحدثوها بعد نبيهم الذي استخرجوه من الحفرة وامنوا به فيكون ذلك وجها.
وقد ذكر عن أمير المؤمنين علي ح في قصة أصحاب الرس ما يصدق قول عكرمة وتفسيره، وهو ما روى علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رجلا من أشراف بني تميم يقال له عمرو أتاه فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا؟ وأين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله سبحانه إليهم رسولا؟ وبماذا أهلكوا؟ فإني أجد في كتاب الله سبحانه ذكرهم ولا أجد خبرهم، فقال له علي ح: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي.
وكان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها دوشاب كانت أنبتت لنوح عليه السلام بعد الطوفان، وإنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك قبل سليمان بن داود، وكان له اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، وبهم سمي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض أغزر منه ولا أعذب، ولا قرى أكثر سكانا ولا أعمر منها، وكانت، أعظم مداينهم اسفندماه وهي التي ينزلها ملكهم، وكان يسمى نركوز بن عانور بن ناوش بن سارن ابن نمرود بن كنعار، وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار فلا يشربون منها هم ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوه، ويقولون: هي حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن يقطف من حباتها، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا تجتمع إليه أهلها ويضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها أنواع الصور، ثم يأتون بشياه وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتاره في الهواء، وحال بينهم وبين النظر إلى السماء، خروا للشجرة سجدا يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»