تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٧٧
فدعا بخت نصر فأرسله وانتخب معه أربعمائة ألف من فرسانهم فانطلقوا " * (فجاسوا خلال الديار) *) (فسبوا) ما شاء الله ولم (يخربوا) ولم يقتلوا، ومات (صيحون فقالوا): استخلفوا رجلا، قالوا: على رسلكم حتى يأتي أصحابكم فإنهم فرسانكم لن ينقضوا عليكم شيئا، أمهلوا فأمهلوا حتى جاء بخت نصر (بالسبي) وما معه فقسمه في الناس، فقالوا: ما رأينا أحدا أحق بالملك من هذا فملكوه.
وقال السدي بإسناده: إن رجلا من بني إسرائيل رأى في النوم أن خراب بيت المقدس هلاك بني إسرائيل (خلي إلي) غلام يتيم ابن أرملة من أهل بابل يدعى بخت نصر وكانوا يصدقون فيصدق، فأقبل يسأل عنه حتى (نزل على أبيه) وهو يحتطب فلما جاءوا على رأسه حزمة من حطب ألقاها ثم قعد في جانب من البيت فكلمه ثم أعطاه ثلاثة دراهم، فقال: اشتر بهذا طعاما وشرابا وإشتري بدرهم لحما وبدرهم خبزا وبدرهم خمرا، فأكلوا وشربوا حتى كان اليوم الثاني فعل به مثل ذلك، حتى إذا كان اليوم الثالث فعل به ذلك، ثم قال: إني أحب أن (تكتب لي أمانا) إن كانت ملكت يوما من الدهر، فقال: أتسخر مني؟ قال: إني لا أسخر بك (ولكن ما عليك لن تتخذ) بها عندي مريدا فكلمته أية، فقالت: يا ملك إن كان مالا لم ينقصك شيئا فيكتب به أمانا، فقال: أرأيت إن جئت والناس حولك قد حالوا بيني وبينك فاجعل لي أية تعرفني بها، قال: ترفع صحيفتك على قصبة فأعرفك بها فكساه وأعطاه.
ثم إن ملك بني إسرائيل كان يكرم يحيى بن زكريا (عليهما السلام) ويدني مجلسه ويستشيره في أمره ولا يقطع أمرا دونه (فإنه هوى) أن يتزوج ابنت امرأة له، فسأل عن ذلك يحيى فنهاه عن نكاحها، قال: لست أرضاها لك، فبلغ ذلك أمها فحقدت على (يحيى) حين نهاه أن يتزوج ابنتها (فذهبت إلى جارية) حين حس الملك على شرابه، فألبستها ثيابا رقاقا خضراء وطيبتها والبستها من الحلي والبستها فوق ذلك كساء أسود فأرسلتها إلى الملك وأمرتها أن تسقيه وأن تتعرض له فإن راودها عن نفسها أتت عليه حتى يعطيها ما سألته، فإذا أعطاها ذلك سألته أن يأتي برأس يحيى بن زكريا (عليهما السلام) في طشت، ففعلت فجعلت تسقيه وتعرض له فلما أخذ منه الشراب راودها عن نفسها، فقالت: لا (أقبل) حتى تعطيني ما أسألك، قال: ما تسألين؟ قالت: أسألك أن تبعث إلي يحيى بن زكريا فتأتي برأسه في هذا الطشت، فقال الملك: سليني غير هذا.
قالت: ما أريد إلا هذا، فلما أبت عليه بعث إليه فأتى برأسه (والرأس يتكلم) في الطشت حين وضع بين يديه وهي تقول (لا يحل لك)، فلما أصبح إذا دمه يغلي فأمر بتراب فألقى عليه فرمى الدم فوقه فلم يزل يلقي عليه من التراب حتى بلغ سور المدينة وهو يغلي وبلغ صيحابين فثار في الناس وأراد أن يبعث إليهم جيشا أو يؤمر عليهم رجلا
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»