تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢٤٢
والطفرة. " * (وأهش) *) وأخبط " * (بها) *) الشجر ليتناثر ورقها فتأكل غنمي، وقرأ عكرمة (وأهس) بالسين يعني وازجر بها الغنم، وذلك أن العرب تقول: هس هس، وقال النضر بن شميل: سألت الخليل عن قراءة عكرمة فقال: العرب تعاقب بين الشين والسين في كثير من الكلام، كقولهم: شمت العاطس وسمته، وشن عليه الدرع وسن، والروشم والروسم للختم.
" * (ولى فيها مآرب) *) حوائج ومنافع، واحدتها مأربة ومأربة بفتح الراء وضمها " * (أخرى) *) ولم يقل أخر لرؤوس الآي.
قال ابن عباس: كان موسى عليه السلام يحمل عليها زاده وسقاءه، فجعلت تماشيه وتحدثه، وكان يضرب بها الأرض فيخرج ما يأكل يومه، ويركزها فيخرج الماء فإذا رفعها ذهب الماء، وكان يرد بها غنمه، وتقيه الهوام بإذن الله، وإذا ظهر له عدو حاربت وناضلت عنه، وإذا أراد إلاسقاء من البئر أدلاها فطالت على طول البئر وصارت شعبتاها كالدلو حتى يستقي، وكان يظهر على شعبتيها كالشمعتين بالليل تضيء له ويهتدي بها، وإذا اشتهى ثمرة من الثمار ركزها في الأرض فتغصنت غصن تلك الشجرة وأورقت ورقها وأثمرت ثمرها، فهذه المآرب.
قال الله سبحانه " * (ألقها يا موسى فألقاها) *) من يده " * (فإذا هي حية تسعى) *) تمشي مسرعة على بطنها.
قال ابن عباس: صارت حية صفراء لها عرف كعرف الفرس، وجعلت تتورم حتى صارت ثعبانا، وهو أكبر ما يكون من الحيات، فلذلك قال في موضع " * (كأنها جان) *) وهو أصغر الحيات، وفي موضع ثعبان وهو أعظمها، فالجان عبارة عن ابتداء حالها، والثعبان إخبار عن انتهاء حالها، وقيل: أراد أنها في عظم الثعبان وسرعة الجان، فأما الحية فإنها تجمع الصغر والكبر والذكر والأنثى.
قال فرقد السخي: كان ما بين جنبيها أربعين ذراعا فلما ظهر في موسى من الخوف ونفار الطبع لما رأى من الأعجوبة " * (قال) *) الله تعالى له " * (خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها) *) أي إلى سيرتها وهيئتها " * (الاولى) *) نردها عصا كما كانت " * (واضمم يدك إلى جناحك) *) يعني إبطك.
وقال الكلبي: أسفل من الإبط، وقال مجاهد: تحت عضدك، وقال مقاتل: يعني مع جناحك وهو عضده " * (تخرج بيضاء من غير سوء) *) برص ولا داء " * (آية أخرى) *) سوى العصا، فأخرج يده من مدرعة له مضربة بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشي البصر " * (لنريك من آياتنا الكبرى) *) وكان من حقه الكبر وإنما قال: الكبرى وفاقا لرؤس الآي، وقيل: فيه اضمار معناه " * (لنريك من آياتنا) *) الآية الكبرى دليله قول ابن عباس: كانت يد موسى أكبر آياته.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»