تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢١٠
قال علي بن أبي طالب: علمت أن التقي ذو نهية، وقيل: كان تقي رجل من أعدل الناس في ذلك الزمان فقالت: إن كنت في الصلاح مثل التقي فإني أعوذ بالرحمن منك، كيف يكون رجل أجنبي وامرأة أجنبية في حجاب واحد؟ قال لها جبرئيل " * (إنما أنا رسول ربك لاهب لك) *) أي يقول لأهب لك، وقرأ أبو عمرو ليهب بالياء ولدا " * (غلاما زكيا) *) صالحا تقيا " * (قالت) *) مريم " * (أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر) *) ولم يقربني روح " * (ولم أك بغيا) *) فاجرة وإنما حذفت الهاء منه لأنه مصروف عن وجهه.
قال جبرئيل " * (كذلك) *) كما قلت يا مريم ولكن قال ربك وقيل هكذا " * (قال ربك هو على هين) *) خلق ولد من غير أب " * (ولنجعله آية) *) علامة هذه " * (للناس ورحمة منا) *) لمن تبعه على دينه.
" * (وكان) *) ذلك " * (أمرا مقضيا) *) معدودا مسطورا في اللوح المحفوظ.
" * (فحملته) *) وذلك أن جبرئيل عليه السلام رفع درعها فنفخ في جيبه فحملت حين لبسته، وقيل: نفخ جبرئيل من بعيد نفخا فوصل الريح إليها فحملت، فلما حملت " * (فانتبذت) *) خرجت وانفردت " * (مكانا قصيا) *) بعيدا من أهلها من وراء الجبل، ويقال أقصى الدار.
قال الكلبي: قيل لابن عم لها يقال له يوسف: إن مريم حملت من الزنا لأن يقتلها الملك وكانت قد سميت له فأتاها فاحتملها، فهرب بها، فلما كان ببعض الطريق أراد يوسف ابن عمها قتلها فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: إنه من روح القدس فلا تقتلها، فتركها، ولم يقتلها فكان معها. واختلفوا في مدة حملها ووقت وضعها، فقال بعضهم: كان مقدار حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء، ومنهم من قال: ثمانية أشهر وكان ذلك آية أخرى لأنه لم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غير عيسى، وقيل: ستة أشهر، وقيل: ثلاث ساعات، وقيل: ساعة واحدة.
قال ابن عباس: ما هو إلا أن حملت فوضعت ولم يكن بين الحمل والانتباذ إلا ساعة: لأن الله تعالى لم يذكر بينهما فصلا.
وقال مقاتل بن سليمان: حملته مريم في ساعة وصور في ساعة ووضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها، وهي بنت عشر سنين وقد كانت حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى.
" * (فأجاءها المخاض) *) ألجأها وجاء بها المخاض، وفي قراءة عبد الله آواها المخاض يعني الحمل، وقيل: الطلق.
" * (إلى جذع النخلة) *) وكانت نخلة يابسة في الصحراء في شدة الشتاء ولم يكن لها سعف.
وروى هلال بن خباب عن أبي عبيد الله قال: كان جذعا يابسا قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم.
" * (قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا) *) قرأ يحيى بن وتاب والأعمش وحمزة
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»