تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٩
رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا * قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا * قال كذالك قال ربك هو على هين ولنجعله ءاية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا * فحملته فانتبذت به مكانا قصيا * فأجآءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتنى مت قبل هاذا وكنت نسيا منسيا * فناداها من تحتهآ ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا * وهزىإليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلى واشربى وقرى عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولىإنى نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا * فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا * ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا * فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا * قال إنى عبد الله ءاتانى الكتاب وجعلنى نبيا * وجعلنى مباركا أين ما كنت وأوصانى بالصلواة والزكواة ما دمت حيا * وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا * والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا * ذالك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون * ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وإن الله ربى وربكم فاعبدوه هاذا صراط مستقيم * فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم * أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لاكن الظالمون اليوم فى ضلال مبين * وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الامر وهم فى غفلة وهم لا يؤمنون * إنا نحن نرث الارض ومن عليها وإلينا يرجعون) *) 2 " * (واذكر في الكتاب) *) القرآن مريم وهي ابنة عمران بن ماثان " * (إذ انتبذت) *).
قال قتادة: انفردت. الكلبي: تنحت وأصله من النبذة بفتح النون وضمها وهي الناحبة، يعني إنها اعتزلت وجلست ناحية " * (مكانا شرقيا) *) يعني مشرقة، وهي مكان في الدار مما يلي المشرق، جلست فيها لأنها كانت في الشتاء.
قال الحسن: اتخذت النصارى المشرق قبلة لأن مريم انتبذت مكانا شرقيا " * (فاتخذت) *) فضربت " * (من دونهم حجابا) *) قال ابن عباس: سترا، قال مقاتل: جعلت الجبل بينها وبين قومها، قال عكرمة: إن مريم كانت تكون في المسجد ما دامت طاهرا، فإذا حاضت تحولت إلى بيت خالتها حتى إذا طهرت عادت إلى المسجد، فبينا هي تغتسل من الحيض إذ عرض لها جبرئيل في صورة شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر سوي الخلق.
فذلك قوله " * (فأرسلنا إليها روحنا) *) يعني جبرئيل (عليه السلام) وقيل: روح عيسى ابن مريم إضافة إليه على التخصيص والتفضيل " * (فتمثل) *) فتصور لها بشرا آدميا سويا لم ينقص منه شيء وإنما أرسله في صورة البشر لتثبت مريم عليها السلام وتقدر على استماع كلامه، ولو نزله على صورته التي هو عليها لفزعت ونفرت عنه ولم تقدر على استماع كلامه، فلما رأته مريم " * (قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا) *) مؤمنا مطيعا
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»