هم كذلك إذ يبعث الله عز وجل عليهم دودا كنغف الجراد فيموتون موت الجراد، فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حسا، فيقولون: هل من رجل يشتري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء القوم؟ فينزل رجل منهم قد أيقن أنه مقتول، فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي أصحابه: أبشروا، فقد كفاكم الله عز وجل عدوكم. فيخرج المسلمون فيرسلون مواشيهم فيهم فما يكون لها رعى غير لحومهم وتكثر عليه كأحسن ما تكثر على شيء من النبات أصابته قط).
قال وهب: إنهم كانوا يأتون البحر فيشربون ماءها، ويأكلون دوابها، ثم يأكلون الخشب والشجر ومن ظفروا به من الناس، ولا يقدرون أن يأتوا مكة ولا المدينة ولا بيت المقدس.
في قوله تعالى: " * (فهل نجعل لك خرجا) *) قرأ أهل الكوفة: (خراجا) بالألف. الباقون بغير ألف، وهما لغتان، بمعنى واحد. وقال أبو عمرو بن العلاء: الخرج: ما تبرعت به، والخراج: ما لزمك أداؤه. " * (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) *): حاجزا فلا يصلون إلينا؟ " * (قال) *) لهم ذو القرنين: " * (ما مكني) *) على الإدغام. وقرأ أهل مكة: (ما مكنني) بنونين بالإظهار " * (فيه ربي) *) وقواني عليه " * (خير) *)، ولكن " * (أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) *): حاجزا كالحائط والسد. قالوا: وما تلك القوة؟ قال: (فعلة وصناع يحسنون البناء والعمل والآلة). قالوا: وما تلك الآلة؟ قال: " * (آتوني زبر الحديد) *) يعني: أعطوني قطع الحديد، واحدتها زبرة، فأتوه بها، فبناه " * (حتى إذا ساوى بين الصدفين) *)، وروى مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح قال: بلغنا أنه وضع الحطب بين الجبلين، ثم نسج عليه الحديد، ثم نسج الحطب على الحديد، فلم يزل يجعل الحطب على الحديد والحديد على الحطب " * (حتى إذا ساوى بين الصدفين) *)، وهما الجبلان بضم الصاد والدال، وفتحهما وأمر بالنار فأرسلت فيه، ثم " * (قال انفخوا) *)، ثم جعل يفرغ القطر عليه، فذلك قوله تعالى: " * (آتوني أفرغ) *): أصب عليه " * (قطرا) *)، وهو النحاس المذاب. قال: فجعلت النار تأكل الحطب ويصب النحاس مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس.
" * (فما اسطاعوا أن يظهروه) *) ويعلوه من فوقه، " * (وما استطاعوا له نقبا) *) من أسفله. قال قتادة ذكر لنا أن رجلا قال: يا نبي الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال: (انعته لي). قال: كالبرد المحبر؛ طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال: (قد رأيته).
" * (قال) *) ذو القرنين لما فرغ من بنائه يعني هذا السد: " * (هذا) *) السد " * (رحمة) *): نعمة " * (من ربي) *)؛ فلذلك لم يقل: هذه. " * (فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء) *) ملتزقة مستوية بالأرض من قولهم: ناقة دكاء أي مستوية الظهر لا سنام لها. ومن قرأ: (دكا) بلا مد فمعناه: مدكوك يومئذ، " * (وكان وعد ربي حقا) *)) .