تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٧٦
حلما وأكثرهم علما، وكان يسوس ما بين السماء والأرض فرأى بذلك لنفسه شرفا وعظمة فذلك الذي دعاه إلى الكبر، فعصى فمسخه الله شيطانا رجيما ملعونا. فإذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه، وإن كانت خطيئته في معصية فارجه، وكانت خطيئة آدم معصية، وخطيئة إبليس كبرا.
وقال ابن عباس في رواية أخرى: كان من الجن (و) إنما سمي بالجنان، لأنه كان خازنا عليها فنسب إليها، كما يقال للرجل: مكي وكوفي ومدني وبصري. (أخبرنا عبد الله بن حامد: أخبرنا محمد ابن يعقوب السري عن يحيى بن عثمان بن زفر قال): روى يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل: " * (كان من الجن) *) قال: كان من الجنانيين الذين يعملون في الجنة. وقال الحسن: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الأنس. وقال شهر ابن حوشب: كان إبليس من الجن الذين ظفر بهم الملائكة فأسره بعض الملائكة، فذهب به إلى السماء. وقال قتادة: جن عن طاعة الله تعالى، " * (ففسق عن أمر ربه) *) يعني: خرج عن طاعة ربه. تقول العرب: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وفسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها، ولذلك قيل لها: الفويسقة.
وقيل: هي من الفسوق، وهي الاتساع، تقول العرب: فسق فلان في النفقة إذا اتسع فيها، وما أصاب مالا إلا فسقه، أي أهلكه وبذره. والفاسق سمي فاسقا؛ لأنه اتسع في محارم الله عز وجل، وهونها على نفسه. " * (أفتتخذونه) *)، يعني يا بني آدم " * (وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) *): أعداء. وقال الحسن: الإنس من آخرهم من ذرية آدم، والجن من آخرهم من ذرية إبليس. قال مجاهد: فمن ذرية إبليس لافيس وولهان وهو صاحب الطهارة والصلاة، والهفان ومرة وبه يكنى إبليس وزيلنون وهو صاحب الأسواق يضع رايته بكل سوق من السماء والأرض، والدثر وهو صاحب المصائب يأمر بضرب الوجه وشق الجيوب والدعاء بالويل والحرب، والأعور وهو صاحب أبواب الزنا، ومبسوط وهو صاحب الأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس فلا يجدون (لها) أصلا، وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله عز وجل، بصره من المقابح ما لم يرفع أو لم يحسن موضعه، فإذا أكل ولم يذكر اسم الله عليه أكل معه.
وقال الأعمش: ربما دخلت البيت، ولم أذكر اسم الله ولم أسلم فرأيت مطهره فقلت: ارفعوا، وخاصمتهم، ثم أذكر فأقول: داسم، داسم.
وروى مخلد عن الشعبي قال: إني لقاعد يوما إذ أقبل حمال ومعه دن حتى وضعه، ثم جاءني فقال: أنت الشعبي؟ قلت: نعم. فقال: أخبرني هل لإبليس زوجة؟ قلت: إن ذلك لعرس
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»