تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٧٠
ثم إن صاحبه بنى دارا بألف دينار، فقال هذا: إن فلان بنى دارا بألف دينار، وإني اشتريت منك دارا في الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار. ثم تزوج بامرأة وأنفق عليها ألف دينار فقال: إن فلان تزوج امرأة بألف دينار، وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار، فتصدق بألف دينار. ثم اشترى خدما ومتاعا بألف دينار، فقال: إن فلان اشترى خدما ومتاعا بألف دينار، وإني اشتري منك خدما ومتاعا في الجنة بألف دينار فتصدق بألف دينار.
ثم أصابته حاجة شديدة فقال: لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني منه معروف. فجلس له على طريقه حتى مر به في حشمه، فقام إليه، فنظر إليه الآخر فعرفه فقال: فلان؟ قال: نعم. قال ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك، فأتيتك لتصيبني بخير. فقال: فما فعل مالك فقد اقتسمنا مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره؟ فقص عليه قصته، فقال: وإنك لمن المصدقين بهذا، أي بأنك تبعث وتجازى؟ اذهب فوالله لا أعطيك شيئا.
فطرده، فقضي لهما أن توفيا، فنزل فيهما: " * (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) *) إلى قوله: " * (فاطلع فرآه في سواء الجحيم) *)، ونزلت " * (واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين) *): بستانين " * (من أعناب وحففناهما) *): أحطناهما " * (بنخل وجعلنا بينهما زرعا) *)، يعني: جعلنا حول الأعناب النخل ووسط الأعناب الزرع.
" * (كلتا الجنتين آتت) *): أعطت، يعني: آتت كل واحدة من الجنتين، فلذلك لم يقل: آتتا " * (أكلها) *): ثمرها تاما " * (ولم تظلم منه شيئا) *)، أي لم ينقص، " * (وفجرنا خلالهما نهرا) *)، يعني: شققنا وأخرجنا وسطهما نهرا.
" * (وكان له) *)، يعني: لفطروس " * (ثمر) *)، يعني: المال الكثير المثمر من كل صنف، جمع ثمار. ومن قرأ: (ثمر) فهو جمع ثمرة. مجاهد: ذهب وفضة. ابن عباس: أنواع المال. قتادة: من كل المال. وقال ابن زيد: الثمر الأصل. " * (فقال لصاحبه) *) المؤمن " * (وهو يحاوره) *): يجاوبه " * (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا) *)، يعني عشيرة ورهطا. قال قتادة: خدما وحشما. وقال مقاتل: ولدا، تصديقه قوله تعالى " * (إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا) *).
" * (ودخل جنته) *)، يعني: فطروس، أخذ بيد أخيه المسلم يطوف به ويريه إياها ويعجبه منها، " * (وهو ظالم لنفسه) *) بكفره، فلما رأى ما فيها من الأنهار والأشجار والأزهار والثمار قال: " * (ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة) *): القيامة " * (قائمة) *): آتية كائنة. ثم تمنى على الله أمنية أخرى مع شكه وشركه فقال: " * (ولئن رددت) *): صرفت " * (إلى ربي) *)، فرجعت إليه في المعاد " * (لأجدن خيرا منها) *)، أي من الجنة التي دخلها. وقرأ أهل الحجاز والشام (منهما)
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»