وقال عبد الله بن مسعود: كان نفر من الانس يعبدون نفرا من الجن، فأسلم الجن ولم يعلم الانس الذين كانوا يعبدونهم بإسلامهم فتمسكوا بعبادتهم فغيرهم الله بذلك وأنزل هذه الآية.
" * (وإن من قرية) *) يعني وما من قرية " * (إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) *) أي مخربوها ومهلكوا أهلها بالسيف " * (أو معذبوها عذابا شديدا) *) بأنواع العذاب إذا كفروا وعصوا.
وقال بعضهم: هذه الآية عامة.
قال مقاتل: أما الصالح فبالموت وأما الطالح فبالعذاب.
قال ابن عباس: إذا ظهر الزنا والربا في أهل قرية أذن الله في هلاكها.
" * (كان ذلك في الكتاب) *) في اللوح المحفوظ " * (مسطورا) *) مكتوبا " * (وما منعنا أن نرسل بالآيات) *).
قال ابن عباس: قال أهل مكة: اجعل لنا الصفا ذهبا، فأوحى الله إلى رسوله: إن شئت أن تسنأتي بهم فقلت وإن شئت أوتيهم ما سألوا، فقلت: فإن لم يؤمنوا أهلكتهم كما أهلكت من كان قبلهم. فقال صلى الله عليه وسلم لا بل تستأني بهم فأنزل الله تعالى " * (وما منعنا أن نرسل بالآيات) *) التي سألها كفار قومك " * (إلا أن كذب بها الأولون) *) فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك أهلكتهم أيضا لأن من خسفنا في الأمم إذا سألوا الآيات فيأتيهم ثم لم يؤمنوا أن نعذبهم ونهلكهم ولا نمهلهم، فإن الأول في محل النصب وقوع المنبع عليه، وإن الثانية في محل رفع ومجاز الأول: سمعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين بها قالوا " * (وآ تينا ثمود الناقة مبصرة) *) مضيئة بينة " * (فظلموا بها) *) أي (قروا) بها إنها من عند الله " * (وما نرسل بالآيات) *) بالعبر والدلالات " * (إلا تخويفا) *) للعباد ليؤمنوا ويتذكروا فإن لم يفعلوا عذبوا.
قال قتادة: إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعيون أو يذكرون أو يرجعون، ذكر أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود فقال: يا أيها الناس إن الله ليس يعتبكم فأعتبوه.
وروى محمد بن يوسف عن الحسن في قوله عز وجل " * (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) *) قال الموت الذريع.
" * (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) *) فهم في قبضته لا يقدرون على الخروج من مشيئته وهو مانعك منهم وحافظك فلا تهبهم وأمض لما أمرك به في تبليغ رسالته، قاله أكثر المفسرين.
قال ابن عباس: يعني أحاط علمه بهم فلا يخفى عليه منهم شيء.