وقال بعضهم: سميت مثاني لأنها مقسومة بين الله وبين العبد قسمين اثنين، بيانه والذي يدل عليه ما روى أبو السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج غير تمام).
قال أبو السائب لأبي هريرة: إني أحيانا أكون وراء الامام.
قال: فغمز أبو هريرة ذراعي، وقال: يافارسي إقرأها في نفسك إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرؤا، يقول: العبد: الحمد لله رب العالمين، فيقول الله: حمدني عبدي، ويقول العبد: الرحمن الرحيم، فيقول الله: أثنى علي عبدي، فيقول العبد: مالك يوم الدين، فيقول الله: مجدني عبدي، يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذه الآية بيني وبين عبدي، يقول العبد: اهدنا الصراط إلى آخره، يقول الله: فهذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
ويقال: سميت (مثاني) لأنها منقسمة إلى قسمين: نصفها ثناء ونصفها دعاء، ونصفها حق الربوبية ونصفها حق العبودية، وقيل: لأن ملائكة السماوات يصلون الصلوات بها، كما أن أهل الأرض يصلون بها. وقيل: لأن حروفها وكلماتها مثناة، ومثل الرحمن الرحيم، إياك واياك، الصراط الصراط، عليهم عليهم، غير غير، في قراءة عمر.
وقال الحسين بن الفضل وغيره: لأنها تقرأ مرتين كل مرة معها سبعون ألف ملك، مره بمكة من أوائل ما نزل من القرآن، ومرة بالمدينة، والسبب هو أن سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود بني قريضة والنضير في يوم واحد وفيها أنواع من البز وأوعية (وأفاوية) الطيب والجواهر وأمتعة البحر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله فأنزل الله تعالى هذه السورة.
وقال: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل، ودليل هذه التأويل قوله في عقبها: " * (ولا تمدن عينيك) *) الآية.
وقيل: لأنها متصدرة بالحمد، والحمد كل كلمة تكلم بها آدم حين عطس وهي آخر كلام أهل الجنة من ذريته، قال الله: " * (وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين) *).