تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ٢١٩
" * (وقلن حاش لله) *) أي معاذ الله، قال أبو عبيدة: لهذه الكلمة معنيان: التنزيه والاستثناء، واختلف القراء فيها فقرأت العامة: حاش لله، (...) حذفوا الألف لكثرة دورها على الألسن كما حذفت العرب الألف من قولهم: لأب لغيرك ولأب لشانئك، وهم يعنون لا أب، واختار أبو عبيدة هذه القراءة وقال: اتباعا للكتاب وهو الذي عليه الجمهور الأعظم، مع إني قرأتها في الإمام مصحف عثمان (عليه السلام): حاش لله والأخرى مثلها. وقرأ أبو عمرو: حاشي لله بإثبات الياء على الأصل، وقرأ ابن مسعود حاشى الله، كقول الشاعر:
حاشا أبي ثوبان إن به ضنا عن الملحاة والشتم " * (ما هذا بشرا) *) نصب بنزع حرف الصفة وعلى خبر ما الجحد كما تقول: ما زيد قائما، وقرأ الأعمش: ما هذا بشر بالرفع وهي لغة أهل نجد، وأنشد الفراء:
ويزعم حسل أنه فرع قومه وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل وأنشد آخر:
لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي جميعا فما هذان مستويان تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى وكل فتى والموت يلتقيان وروى الفراء عن دعامة بن رجاء التيمي عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ: ما هذا بشري، قال الفراء: يعني بمشتري، " * (إن هذا) *) ما هذا " * (إلا ملك كريم) *) من الملائكة.
قال الثعلبي: سمعت ابن فورك يقول: إنما قلن له ملك كريم لأنه خالف ميوله وأعرض عن الدنيا وزينتها وشهوتها حين عرضن عليه، وذلك خلاف طبائع البشر.
قالت: راحيل للنسوة: " * (فذلكن الذي لمتنني فيه) *) أي في حبه وشغفي فيه، ثم أقرت لهن فقالت: " * (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) *) أي امتنع و استعصى، فقلن له أطع مولاتك، فقالت راحيل: " * (ولئن لم يفعل ما آمره) *) ولئن لم يطاوعني فيما دعوته إليه، " * (ليسجنن) *) أحبسنه، " * (وليكونن من الصاغرين) *) أي الأذلاء ونون التوكيد تثقل وتخفف والوقف على قوله: " * (لسجنن) *) بالنون لكنها مشددة. وعلى قوله: وليكونا بالألف لأنها مخففة وهي تشبه نون الإعراب في
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»