وحدثنا العوفي عن ابن عباس وشهر بن حوشب عن أبي هريرة، ويدل عليه ما روى عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تكلم أربعة وهم صغار: ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب بن جريج، وعيسى ابن مريم (عليه السلام).
وقيل: كان ذلك الصبي ابن خال المرأة، وقال الحسن: غلامه، قتادة والضحاك ومجاهد برواية (...): ما كان بصبي ولكنه كان رجلا حكيما ذا لحية، له رأي ومقال وآية، وهو رواية ابن أبي مليكة عن ابن عباس، قال: وكان من خاصة الملك. وقال السدي: هو ابن عم راحيل، وكان جالسا مع زوجها على الباب فحكم وأخبر الله تعالى عنه: " * (إن كان قميصه) *) الآية.
قال عيسى عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: إن الشاهد قميصه المقدود من دبر، ومعنى شهد شاهد حكم حاكم من أهلها، قال مجاهد: قال الشاهد: تبيان هذا الأمر في القميص.
" * (إن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين وإن كان قميصه قد من قبل) *) أي قدام " * (فصدقت وهو من الكاذبين) *) وخفف ابن أبي إسحاق القبل والدبر وثقلهما الآخرون وهما لغتان.
فجيء بالقميص فإذا هو قد من دبر، فلما رأى قطفير قميصه قد من دبر عرف خيانة امرأته وبراءة يوسف " * (فقال) *) لها " * (إنه) *) أي إن هذا الصنيع " * (من كيدكن إن كيدكن عظيم) *)، وقيل: إن هذا من قول الشاهد.
ثم أقبل قطفير على يوسف فقال: " * (يوسف) *) يعني يا يوسف، لفظ مفرد " * (أعرض عن هذا) *) الحديث فلا تذكره لأحد، وقيل: معناه لا تكترث له فقد كان عفوك لبراءتك، ثم قال لامرأته: " * (واستغفري لذنبك) *) وقيل: هو من الشاهد ليوسف والراحيل، وأراد بقوله: واستغفري لذنبك، يقول: سلي زوجك ألا يعاقبك على ذنبك ويصفح عنك، وهذا معنى قول ابن عباس.
" * (إنك كنت من الخاطئين) *) من المذنبين حين راودت شابا عن نفسه وخنت زوجك، فلما استعصم كذبت عليه، يقال خطأ يخطأ خطأ، وخطأ، وخطا وخطاء، إذا أذنب والاسم منه الخطيئة، قال الله تعالى: " * (إنه كان خطأ كبيرا) *) وقال أمية:
عبادك يخطأون وأنت رب بكفيك المنايا والحتوم أي يذنبون؛ فإذا أرادوا التعمد قيل: خطأ خطأ هنا لأن الفعل بالألف قال الله تعالى: " * (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطا) *)، وإنما قال " * (من الخاطئين) *) ولم يقل: الخاطئات