تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٥ - الصفحة ١٥٩
خلق السماوات والأرض بالحق، وخلق القلم وكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده قبل أن يخلق شيئا من الخلق.
" * (ليبلوكم) *) ليختبركم وهو أعلم " * (أيكم أحسن عملا) *) روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله).
قال ابن عباس: أيكم أعمل بطاعة الله. قال مقاتل: أيكم أتقى لله، الحسن: أيكم أزهد في الدنيا زاهدا وأقوى لها تركا.
" * (ولئن قلت) *) يا محمد " * (إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) *) يعنون القرآن، ومن قرأ: ساحر رده إلى محمد (صلى الله عليه وسلم).
" * (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) *) إلى أجل معدود ووقت محدود، وأصل الأمة الجماعة، وإنما قيل للحين: أمة، لأن فيه يكون الأمة، فكأنه قال: إلى مجيء أمة وانقراض أخرى قبلها، كقوله: " * (وادكر بعد أمة) *).
" * (ليقولن ما يحبسه) *) يقولون استعجالا للعذاب واستهزاء، يعنون أنه ليس بشيء. قال الله تعالى: " * (ألا يوم يأتيهم) *) العذاب " * (ليس مصروفا عنهم) *) خبر (ليس) عنهم. " * (وحاق بهم ما كانوا يستهزئون) *) أي رجع إليهم ونزل بهم وبال استهزائهم " * (ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة) *) سعة ونعمة " * (ثم نزعناها) *) سلبناها " * (منه إنه ليؤوس) *) قنوط في الشدة " * (كفور) *) في النعمة.
" * (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته) *) بعد بلاء وشدة " * (ليقولن ذهب السيئات عني) *) زالت الشدائد عني " * (إنه لفرح فخور) *) أشر بطر، ثم استثنى فقال: " * (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات) *) فإنهم إن نالتهم شدة وعسرة صبروا، وإن نالوا نعمة شكروا " * (لهم مغفرة) *) لذنوبهم " * (وأجر كبير) *) وهو الجنة، وإنما جاز الاستثناء مع اختلاف الحالين لأن الإنسان اسم الجنس كقوله: * (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا) * * (فلعلك) *) يا محمد " * (تارك بعض ما يوحى إليك) *) فلا تبلغه إياهم، وذلك أن مشركي مكة قالوا: آتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا.
" * (وضائق به صدرك أن يقولوا) *) لأن يقولوا " * (لولا أنزل عليه كنز) *) ينفقه " * (أو جاء معه ملك) *) يصدقه، قال عبد الله بن أمية المخزومي قال الله: يا أيها النذير " * (ليس عليك إلا البلاغ) *) والله على كل شيء وكيل " * (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور) *) مثله " * (مفتريات) *) بزعمكم " * (وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم) *) لفظه جمع والمراد به الرسول وحده كقوله: " * (يا أيها الرسل) *) ويعني الرسول
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»