الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) *) أي محرمون بالحج والعمرة وهو جمع إحرام يقال رجل حرام وامرأة حرام " * (ومن قتله منكم متعمدا) *) اختلفوا في صيغة العمد الموجب للجزاء والكفارة في قتل الصيد، قال: حرموا العمد في قتل الصيد مع نسيانه لإحرامه في حال قتله فأما إذا قتله عمدا وهو ذاكرا لإحرامه فلا حكم عليه وأمره إلى الله لأنه أعظم من أن يكون له كفارة.
قرأ مجاهد والحسن وقال آخرون: هو العمد من يحرم بقتل الصيد ذاكر الحرمة فيحكم عليه في العمد والخطأ وهو إختيار الشافعي وأكثر الفقهاء.
وقال الزهري: نزل القرآن بالعمد وجرت السنة في الخطأ.
وقال ابن عباس: إن قتله متعمدا مختارا سئل: هل قتلت قبله شيئا من الصيد؟ فإن قال: نعم لم يحكم عليه وقيل له: إذهب فينتقم الله منك. وإن قال: لم أقتل قبله شيئا حكم عليه فإن عاد وقتل الصيد محرما بعد ما حكم عليه لم يحكم عليه ولكن يملأ ظهره وصدره ضربا وجيعا، وكذلك حكم رسول الله (عليه السلام) في وج وهو وادي بالطائف، وعندنا إذا عاد يحكم عليه وعليه الجمهور بذلك.
قوله: " * (فجزاء مثل ما قتل من النعم) *) نونها يعقوب وأهل الكوفة ورفعوا المثل على البدل من الجزاء، كأنه فسر الجزاء فقال: مثل ما قيل من النعم وأضافها الآخرون لاختلاف الإسمين " * (يحكم به) *) أي بالجزاء " * (ذوا عدل منكم) *) أي فقيهان عدلان فينظران إلى أشبه الأشياء به من النعم فيحكمان به حتى يفديه ويهديه إلى الكعبة فإن قتل نعامة فعليه بدنة فإن قتل بقرة أو إبلا أو حمارا فعليه بقرة وإن قتل بقرة وحشية فعليه عجل إنسي وفي الضبع كبش لأنه صيد وأكله حلال.
وأما السباع فلا شيء فيها وإن قتل ضبيا فعليه شاة، وفي الغزال والأرنب جمل، وفي الضب واليربوع سخلة، وفي الحمام والفواخت والقمري والدبسي وذوات الأطواق وكل ما عبث وهدر شاة، واختلفوا في الجراد وروي عن عمر أنه قال لكعب وقد قتل جرادتين: ما جعلت على نفسك، قال: درهما قال: بخ، قال: درهم خير من مائة جرادة.
وروي عن عمر أيضا في الجرادة تمرة.
قال ابن عباس: قبضة من طعام فإن أصاب فرخا أو بيضا أو شيئا لا يبلغ بهيمة فعليه قيمته طعاما، وهو قول عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس وابن عمر وإليه ذهب الشافعي، وعليه جمهور أهل العلم، قال النخعي: يقوم الصيد المقتول قيمته من الدراهم فيشتري بثمنه فداء من النعم ويهديه إلى الكعبة