تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٥
وإن لم ترض (أعطيت) حقها، فالواجب على الزوج أن يوفيها حقها من المقام والنفقة أو يسرحها بإحسان ولايحبسها على الخسف، وإن يقام عليها وفاها حقها مع كراهيته صحبتها، فهو المحسن الذي مدحه الله وأخبره انه عالم بصنيعه ومجازيه على فعله ولا يجبر الرجل على وطء واحدة لأنه هو الزوج وهو حظه وإذا تركه لم يجبر عليه وليس هو كالمقام والنفقة.
وقوله " * (والصلح خير) *) يعني إقامتها بعد تخييره إياها ومصالحتها على شيء معلوم في المقام والنفقة، وهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجته ومكثت معه وذلك أنها كانت امرأة كبيرة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يسرحها فطلبت إليه أن لا يفعل وقالت: إني أحب أن أبعث في نسائك يوم القيامة، ألا فإن يومي وليلتي لعائشة.
وقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): في قوله " * (والصلح خير) *) قال: المرأة تكون عند الرجل فتكون صغيرة أو كبيرة أو لايحبها زوجها، فيصطلحان على صلح.
وقال سعيد بن جبير: فهو أن يتراضيا على شيء معلوم في نفسه وماله.
قال الضحاك: الصلح أن ينقصها من حقها إذا تزوج أشب منها وأعجب إليه.
وقال مقاتل بن حيان في هذه الآية: فهو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة فيتزوج عليها الشابة، فيقول للمرأة الكبيرة: أعطيك من زماني نصيبا على أن أقسم لهذه الشابة أكثر مما أقسم لك من الليل والنهار وترضى الأخرى بما أصطلحا عليه فإن أبت ألا ترضى فعليه أن يعدل بينهما على القسمة.
وروى إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن سليمان بن يسار عن ابن عباس: في قوله تعالى " * (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) *). قال: المرأة الكبيرة الدميمة تكون عند الرجل يريد طلاقها والإستبدال بها (فصالحها) هذه على بعض حقها من القسمة والنفقة، فذلك جائز بعد ما رضيت، فإن أنكرت بعد الصلح، فذلك لها، ولها حقها، أمسك أو طلق.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هي المرأة تكون عند الرجل وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها، فأمر الله تعالى إذا كان ذلك أن يقول لها: يا هذه إن شئت أن تقيمي على ماترين من هذه فآويك وأنفق عليك فأقيمي، وأن كرهت خليت سبيلك، فإن هي رضيت أن تقيم بعد ان خيرها فلا جناح عليه وهو قوله (والصلح خير) وهو التخيير
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»