تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٧
يعني به قلبه، وكان يطوف به على نسائه في مرضه حتى حللته (نساءه) فأقام عند عائشة، وعماد القسم الليل، لأنه يسكن فيه قال الله تعالى: " * (وله ما سكن بالليل) *) فمتى كان عند الرجل حرائر مسلمات وذميات فهو في القسم سواء ويقسم للحرة ليلتين، وللأمة ليلة إذا خلى المولى بينه وبينها في ليلتها ويومها، وللأمة أن تحلله من قسمها دون المولى لأنه حقها في خاصة نفسها ولايجامع المرأة في غير يومها، ولا لرجل أن يدخل في الليل على التي لم يقسم لها، ولا بأس أن يدخل عليها بالنهار في حاجة ويعودها في مرضها في ليلة غيرها، فإن ثقلت فلا بأس أن يقيم حتى تخف أو تموت ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما بقي عندها، وإن أراد أن يقسم بين ليلتين ليلتين أو ثلاثا كان له ذلك.
ذكر استدلال من إستدل من هذه الآية على تكليف ما لا يطاق قالوا: قال الله عز وجل " * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل) *) فأمرهم الله عز وجل أن يعدلوا، وأخبر أنهم لا يستطيعون أن يعدلوا فقد أمرهم بمالا يستطيعون وكلفهم مالا يطيقون.
إن قال قائل: هل كلف الله الكفار مالا يطيقون؟ قيل له: إن أردت أنه كلفهم مالا يطيقون لعجز حائل وآفة مانعة، فلا، لأنه قد صحح أبدانهم وأكمل نطقهم وأوجدهم (في الأرض) ودفع عنهم العلل والآفات، وإن أردت أنه كلفهم مالا يقدرون عليه بتركهم له واشتغالهم بضده، فقد كلفهم ذلك.
فإن قالوا: أفيقدر الكافر لايتشاغل للكفر؟ قيل لهم: إن معنى لا يتشاغل بالكفر هو أن تؤمن فكأنكم قلتم: يقدر ان يؤمن وهو مقيم على كفره فقد قلنا إنه ما دام مشغولا بكفر ليس بقادر على الإيمان على ما جوزت اللغة من أن الانسان قادر على الفعل بمعنى أنه إن لم يفرط فأثر فيه كما قالوا فلان يقدر على رجل يعني يقدر عليه لو رامه وقصد إلى حمله، نضير قولهم: فلان يفهم أي إنه يفهم الشيء، إذا أورد عليه، وكذلك يقولون: الطعام مشبع، والماء مروي، ويعني في ذلك أن الطعام يشبع إذا أكل.
والماء يروي إذا شرب.
والذي يوضح ذلك ما يتداوله الناس بينهم من قول الرجل: قم معي في حال كذا،
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»