تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٦
وروى إسرائيل عن سماك بن حرب عن خلد بن عرعرة قال: سأل رجل عليا عن قوله عز وجل " * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) *) الآية قال: تكون المرأة عند الرجل فتنبو عينه عنها من دمامة أو كبر فتفتدي منه تكره فرقته، وإن أعطته من ماله فهو حل له أو أعطته من أثاثها فهو حل له " * (وأحضرت الأنفس الشح) *) يقول: شحت المرأة نصيبها من زوجها وشح الرجل نصيبه من الأخرى.
قال ابن عباس: والشح هو في الشيء يحرص عليه " * (وإن تحسنوا) *) يعني تصلحوا بينهما بالسوية " * (وتتقوا) *) الجور والميل.
وقيل: هذا الخطاب للزوج يهني: وإن تحسنوا بالإقامة عليها، مع كراهتكم لصحبتهما وتتقوا ظلمها " * (فإن الله كان بما تعملون خبيرا) *) فيخبركم بأعمالكم.
" * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) *) يقول: لن تقدروا ان تسووا بينهن في الحب " * (ولو حرصتم) *) على العدل " * (فلا تميلوا) *) إلى الشابة الجميلة التي تحبونها " * (كل الميل) *) في النفقة والقسمة والإقبال عليها (وتدعوا الأخرى كالمعلقة) أي كالمنوطة لا أيما ولا ذات متاع.
قتادة والكلبي: كالمعلقة كالمحبوسة وهي في امرأة أبي بن كعب كأنها مسجونة.
وقال مجاهد: لن تستطيعوا العدل بينهن فلا يتعمدوا (ذلك).
وذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول: اللهم أما قلبي فلا أملك وأما ما سوى ذلك فأرجو أن أعدل.
" * (وإن تصلحوا) *) بالعدل في القسمة بينهن " * (وتتقوا) *) الجور " * (فإن الله كان غفورا رحيما) *) بما قلت إلى التي تحبها بقلبك بعد العدل في القسمة " * (وإن يتفرقا) *) يعني عن المرأة بالطلاق " * (يغن الله كلا من سعته) *) أي من النفقة يعني المرأة بزوج والزوج بامرأة. " * (وكان الله واسعا) *) لهما في النكاح " * (حكيما) *) يمكن للزوج إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان.
حكم الآية علم أن الله عز وجل الرأفة بالعباد وعلمه بأحوالهم فنبههم على نحو وجب عليهم من حقوق النساء ونهاهم عن الميل في افعالهم إذا لم يكن لهم سبيل إلى التسوية بينهن في المحبة ومتى جمع العبد من الفعل لمال عنه إلى واحدة بعينها دون غيرها كان ذلك جورا، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم ويقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك وليس أحكم (فيما لا يملك)).
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»