تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٤
سعيد بن جبير: كان ولي اليتيمة إذا كانت ذات مال وجمال، رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات مال ولا جمال لم ينكحها ولم ينكحها فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وعن عبد الله بن عبيدة قال: جاءت امرأة من الأنصار يقال لها خولة بنت حكيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول إن أخي توفي وترك بنات وليس عندهن من الحسن مايرغب فيهن الرجال ولا يقسم لهن من ميراث إبيهن شيئا فنزلت فيها. " * (ويستفتونك) *) أي يستخبرونك في النساء " * (قل الله يفتيكم) *) يخبركم " * (فيهن وما يتلى) *) أي والذي يقرأ " * (عليكم في الكتاب) *) أي في القرآن، وموضع ما رفع معناه " * (قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) *) ويفتيكم أيضا فيهن، ويجوز أن يكون في موضع الخفض، فيكون معناه قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى بينكم، وهو بعيد لأن الظاهر لا يعطف على المضمر، وجه الرفع أبين لأن مايتلى في الكتاب ويتلى بين ما سألوه عنه معنى، قل الله يفتيكم فيهن في كتابه يفتيكم فيهن وهو قوله " * (وآ توا اليتامى أموالهم) *) الآية وقوله " * (في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن) *) أي لاتعطونهن " * (ما كتب لهن) *) يعني فرض لهن من الميراث " * (وترغبون أن تنكحوهن) *) أي وترغبون عن نكاحهن لملكهن، وقيل: ترغبون في نكاحهن لمالهن " * (والمستضعفين من الولدان) *) يعني الصغار من الصبيان وهو في موضع الخفض والمعنى: قل الله يفتيكم فيهن والمستضعفين " * (وأن تقوموا لليتامى بالقسط) *) أي بالعدل " * (وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما) *).
وروى شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب إن آخر آية كانت (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن) وآخر سورة براءة " * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) *) نزلت في عمرة ويقال خويلة بنت محمد بن سلمة في زوجها رافع بن الرفيع ويقال رافع بن خديج تزوجها وهي شابة فلما أدبرت وعلاها يعني تزوج عليها امرأة شابة وآثر عليها وحفا ابنه محمد بن سلمة وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه، فنزلت فيها هذه الآية هذا قول: الكلبي وجماعة المفسرين، وقال سعيد بن جبير: كان رجل وله امرأة قد كبرت وكان له منها أولاد فأراد أن يطلقها، ويتزوج غيرها فقالت لاتطلقني ودعني أقوم على ولدي وأقسم لي في كل شهرين إن شئت أو أكثر وإن شئت فلا تقسم لي، فقال: إن كان يمنع ذلك فهو أحب إلي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: قد سمع الله ما تقول فإن شاء أجابك فأنزل الله عز وجل " * (وإن خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) *) أي علمت من زوجها نشوزا يعني بغضا.
قال الكلبي: يعني ترك مجامعتها ومضاجعتها أو إعراضا عن مساكنتها، وعن مجالستها وعن محادثتها " * (فلا جناح عليهما) *) يعني على الزوج والمرأة " * (أن يصلحا) *) أي يستصلحا " * (بينهما صلحا) *) أي في القسمة والنفقة وهو أن يقول لها: إنك امرأة دميمة وقد دخلت في العن وأريد أن أتزوج عليك امرأة شابة جميلة، فيؤثرها في القسمة عليها لشبابها، فإن رضيت بهذا فأقيمي، وإن كرهت خليت سبيلك، فإن رضيت بذلك كانت هي المحسنة ولايعسر علي ذلك
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»