تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥
وقال بعضهم: أراد " * (وما أختلف الذين أوتوا الكتاب) *): في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا من بعد ما جاءهم العلم، يعني: بيان نعته وصفته في كتبهم.
وقال محمد بن جعفر عن الزبير: نزلت هذه الآية في نصارى نجران ومعناها: " * (وما أختلف الذين أتوا الكتاب) *) هو الإنجيل في أمر عيسى (عليه السلام)، وفرقوا القول فيه إلا من بعد ما جاءهم العلم، بأن الله واحد، وأن عيسى عبده ورسوله " * (بغيا بينهم) *): أي للمعاداة والمخالفة.
" * (ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) *): لا يحتاج إلى عقد وقبض يد.
وقال الكلبي: نزلت في يهوديين تركوا اسم الإسلام وتسموا باليهودية والنصرانية، قال الله تعالى: " * (وما أختلف الذين أوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم) *) قال: دين الله هو الإسلام بغيا منهم فلما وجدا نظيره قوله: " * (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة) *) فقالت اليهود والنصارى: لسنا على ما سميتنا به يا محمد إن اليهودية والنصرانية سب هو الشرك، والدين هو الإسلام ونحن عليه.
" * (فإن حاجوك) *): خاصموك يا محمد في الدين، " * (فقل أسلمت وجهي) *): أي انقدت (لأمر الله) * * (لله) *): وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي، إنما خص الوجه لإنه؛ أكرم جوارح الإنسان، وفيه بهاؤه وتعظيمه، فإذا خضع وجهه لشيء فقد خضع له سائر جوارحه التي هي دون وجهه.
وقال الفراء: معناه أخلصت عملي لله.
يقال: أسلمت الشيء لفلان وسلمته له، أي دفعته إليه (......) ومن هذا يقال: أسلمت الغلام إلى (....) وفي صناعة كذا. أي أخلصت لها.
والوجه: العمل كقوله: " * (يريدون وجهه) *): أي قصده وعمله. وقوله: * (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) * * (ومن اتبعني) *): (من) في محل الرفع عطفا على التاء في قوله: " * (أسلمت) *) أي: ومن اتبعني أسلم كما أسلمت.
وأثبت بعضهم ياء قوله: " * (اتبعني) *) على الأصل، وحذفه الآخرون على لفظ ينافي المصحف (إذا وقعت فيه بغير ياء). وأنشد:
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»