تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٨
صاحبه فيقول المطلوب أخر عني فأزيدك على مالك فيفعلان ذلك فوعظهم الله تعالى.
فقال: " * (واتقوا الله) *) في أمر الربا فلا تأكلوه " * (لعلكم تفلحون) *) ثم خوفهم فقال: " * (واتقوا النار التي أعدت للكافرين) *) وفيه دليل على أن النار مخلوقة ردا على الجهمية، لأن المعدوم لا يكون معدا " * (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) *) لكي ترحموا فلا تعذبوا " * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) *) الآية.
قال عطاء: إن المسلمين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله عز وجل منا وكانوا إذا أذنبوا أصبحت كفارة ذنوبهم مكتوبة في عتبة بابهم: اجدع أنفك اجدع أذنك افعل كذا وكذا، فسكت عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله تعالى " * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) *) أي سابقوا إلى الأعمال التي توجب المغفرة. وحذف أهل المدينة والشام الواو منه.
واختلفوا في العلة الجالبة لهذه المغفرة:
فقال ابن عباس: سارعوا إلى الإسلام، أبو العالية وأبو روق: إلى الهجرة، علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: إلى أداء الفرائض، عثمان بن عفان: الاخلاص، أنس بن مالك: هي التكبيرة الأولى، سعيد بن جبير: إلى أداء الطاعة، يمان: إلى الصلاة الخمس، الضحاك: إلى الجهاد عكرمة: إلى التوبة، مقاتل: إلى الأعمال الصالحة، أبو بكر الوراق: إلى اتباع الأوامر والانتهاء عن الزواجر، سهل بن عبد الله: إلى السنة، بعضهم: إلى الجمع والجماعات.
" * (وجنة) *) يعني إلى جنة " * (عرضها السماوات والأرض) *) أي عرضها كعرض السماوات والأرض كقوله " * (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) *) أي كبعث نفس واحدة.
قال الشاعر:
حسبت بغام راحلتي عناقا وما هي ويب غيرك بالعناق يريد صوت عناق.
ودليل هذا التأويل قوله في سورة الحديد: " * (كعرض السماء والأرض) *) يعني لو بسطت ووصل بعضها إلى بعض إنما أخص العرض على المبالغة لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه يقول هذه صفة عرضها فكيف طولها. يدل عليه قول الزهري إنما وصف عرضها فأما طولها فلا يعلمه إلا الله كقوله " * (متكئين على فرش بطائنها) *) فوصف البطانة بحسن ما يعلم من الزينة إذ معلوم أن الظواهر يكون أحسن وأنفس من البطائن
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»