تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
والتشديد أفصح وأشهر، وتصديقه قوله تعالى: " * (ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) *)، وقال " * (لنبوئنهم من الجنة غرفا) *).
وقرأ ابن مسعود: تبوئ للمؤمنين.
" * (مقاعد للقتال) *)، أي مواطن وأماكن، قال الله تعالى " * (في مقعد صدق) *)، وقال: " * (إنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع) *). وقرأ أشهب: (مقاعد للقتال). " * (والله سميع عليم إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) *): تجبنا وتضعفا وتتخلفا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو أسامة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس، وكانا جناحي العسكر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد في ألف رجل، وقيل: تسعمائة وتسعين رجلا، وقال الزجاج: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد وقت القتال ثلاثة آلاف، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد وقد وعد أصحابه الفتح إن صبروا، فلما بلغوا الشوط انخزل عبد الله بن أبي الخزرجي ثلث الناس فرجع في ثلاثمائة، وقال: علام نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فتبعهم أبو جابر السلمي فقال: أنشدكم الله في نبيكم وفي أنفسكم. فقال عبد الله بن أبي: لو نعلم قتالا لاتبعناكم. وهمت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف مع عبد الله بن أبي فعصمهم الله فلم ينصرفوا، ومضوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرهم الله عظيم نعمته بعصمته فقال: " * (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) *) ناصرهما وحافظهما. وقرأ ابن مسعود: (والله وليهم) لأن الطائفتين جمع، كقوله " * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *). " * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) *) وقال جابر بن عبد الله: ما يسرنا أنالهم نهم بالذي هممنا، وقد أخبرنا الله أنه ولينا.
" * (ولقد نصركم الله ببدر) *) قال الشعبي: كانت بدر بئر رجل يقال له بدر فسميت باسم صاحبها. قال الواقدي: ذكرت قول (الشعبي) لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا: فلأي شيء سميت الصفراء؟ ولأي شيء سميت الجار؟ هذا ليس بشيء، إنما هو اسم الموضع. قال: وذكرت ذلك ليحيى بن النعمان الغفاري فقال: سمعت شيوخنا من بني غفار يقولون هو ماؤنا ومنزلنا، وما ملكه قط أحد غيرنا، وما هو وهؤلاء من بلاد جهينة، إنما هو من بلاد غفارة.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»