تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٣ - الصفحة ١٣٦
وكان بعضهم مع بعض " * (عضوا عليكم الأنامل) *) يعني أطراف الأصابع، واحدتها أنملة وأنملة بضم الميم وفتحها " * (من الغيظ) *) والحنق؛ لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم وصلاح ذات بينهم. وهذا من مجاز الأمثال وإن لم يكن ثم عض، قال الشاعر:
إذا رأوني أطال الله غيظهم عضوا من الغيظ أطراف الأباهيم وقال أبو طالب:
وقد صالحوا قوما علينا أشحة يعضون غيضا خلفنا بالأنامل قال الله تعالى: " * (قل موتوا بغيضكم) *)، إن قيل: كيف لا يموتون والله تعالى إذا قال لشيء كن فيكون؟
فالجواب: أن المراد ابقوا بغيضكم إلى الممات فإن مناكم عن الاسعاف محجوبة.
وقال محمد بن جرير: خرج هذا الكلام مخرج الأمر وهو دعاء أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يدعو عليهم بالهلاك كمدا مما بهم من الغيظ، قل يا محمد: أهلكوا بغيظكم: " * (إن الله عليم بذات الصدور) *) بما في القلوب من خير وشر. روى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: ذكر أصحاب الأهواء فقال والذي نفسي بيده لئن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إلي من أن يجاورني رجل منهم. يعني صاحب هوى، ولقد دخلوا في هذه الآية: " * (ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم) *) الآية.
" * (إن تمسسكم) *)، قرأ السلمي بالياء. الباقون بالتاء. يعني: إن تصبكم أيها المؤمنون " * (حسنة) *) بظفركم على عدوكم وغنيمة تنالونها منهم وتتابع من الناس في الدخول في دينكم وخفض في معاشكم " * (تسؤهم) *): تحزنهم " * (وإن تصبكم سيئة) *) مساءة بإخفاق سرية لكم، أو إصابة عدو فيكم أو اختلاف يكون منكم، أو حدث ونكبة " * (يفرحوا بها وإن تصبروا على أذاهم وتتقوا) *) وتخافوا ربكم " * (لا يضركم) *): لا ينقصكم " * (كيدهم) *) شيئا.
واختلفت القراءة فيه؛ فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: " * (لا يضركم) *) بكسر الضاد (وراء) خفيفة واختاره أبو حاتم، يقال: ضار يضير ضيرا مثل باع يبيع بيعا، ودليله في القرآن: " * (لا ضير) *). وهو جزم على جواب الجزاء.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»