" * (وما تخفي صدورهم) *) من العداوة والخيانة " * (أكبر) *) أعظم، قد بينا " * (لكم الآيات إن كنتم تعقلون) *) عن الأزهر بن راشد قال: كان أنس بن مالك يحدث أصحابه، فإذا حدثهم بحديث لا يدرون ما هو أتوا الحسن يفسره لهم، فحدثهم ذات يوم وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا في خواتيمكم عربيا).
فأتو الحسن فأخبروه بذلك، فقال: إنما قوله: (لا تنقشو في خواتيكم عربيا)، فإنه يقول: لا تنقشوا في خواتيمكم محمدا. وأما قوله: (لا تستضيئوا بنور المشركين)، فإنه يقول لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم. وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: " * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) *) الآية.
وقال عياض الأشعري: وفد أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب، فقال: إن عندنا كاتبا حافظا نصرانيا من حاله كذا وكذا. فقال: مالك قاتلك الله؟ أما سمعت قول الله تعالى " * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) *) الآية، وقوله " * (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) *)؟ هلا اتخذت حنيفيا قال: قلت: له دينه ولي ديني، ولي كتابته، لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ قصاهم الله.
* (ها أنتم أولاء) * * (ها) *) تنبيه، و " * (أنتم) *) كناية للمخاطبين من الذكور، " * (أولاء) *) اسم الجمع المشار إليه " * (تحبونهم) *) خبر عنهم. ومعنى الآية: أنتم أيها المؤمنون تحبون هؤلاء اليهود الذين نهيتكم عن مباطنتهم للأسباب التي بينكم من المصاهرة والمحالفة والرضاع والقرابة والجوار، " * (ولا تحبونكم) *) هم؛ لما بينكم من مخالفة الدين. هذا قول أكثر المفسرين. وقال المفضل: معنى " * (يحبونهم) *) تريدون لهم الإسلام، وهو خير الأشياء، ولا تبخلون عليهم بدعائهم إلى الجنة، " * (ولا يحبونكم) *) هم؛ لأنهم يريدونكم على الكفر وهو الهلاك. أبو العالية ومقاتل: هم المنافقون يحبهم المؤمنون بما أظهروا من الإيمان ولا يعلمون ما في قلوبهم. قتادة: في هذه الآية والله إن المؤمن ليحب المنافق ويلوي إليه ويرحمه، ولو أن المنافق يقدر على ما يقدر عليه المؤمن منه لأباد خضراءه.
" * (وتؤمنون بالكتاب كله) *) يعني بالكتب كلها ولا يؤمنون هم بكتابكم، " * (فإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا) *)