فيقولون: علمنا ذلك باخبار الله أيانا في كتابه الناطق على لسان رسوله الصادق. فيؤتى محمد صلى الله عليه وسلم فيسأل عن حال أمته. فيزكيهم ويشهد لصدقهم.
" * (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) *) يعني التحويل عن القبلة التي كنت عليها وهي بيت المقدس.
وقيل: معناه القبلة التي أنت عليها أي الكعبة كقوله " * (كنتم خير أمة) *) أي أنتم.
" * (إلا لنعلم) *) لنرى ونميز " * (من يتبع الرسول) *) في القبلة.
" * (ممن ينقلب على عقبيه) *) فيرتد ويرجع إلى قبلته الأولى هذا قول المفسرين وقال أهل المعاني: معناه إلا لعلمنا من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه كأنه سبق ذلك في علمه إن تحويل القبلة سبب هداية قوم وضلالة أخرين، وقد تضع العرب لفظ الاستقبال موضع المضي كقوله: " * (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل) *) أي قتلتم.
وأنزل بعض أهل اللغة: للعلم منزلتين: علما بالشيء قبل وجوده وعلما به بعد وجوده والحكم للعلم الموجود لأنه يوجب الثواب والعقاب فمعنى قوله " * (لنعلم) *) أي لنعلم العلم الذي يستحق به العامل الثواب والعقاب وهذا على معنى التقدير كرجل قال لصاحبه: النار تحرق الحطب، وقال الأخر: لا، فرد عليه. هات النار والحطب، ليعلم إنها تحرقه أي ليتقرر علم ذلك عندك.
وقوله: لنعلم تقديره ليتقرر علمنا عندكم، وقيل معناه: ليعلم محمد صلى الله عليه وسلم فأضاف علمه ج إلى نفسه سبحانه تخصيصا وتفصيلا كقوله: " * (إن الذين يؤذون الله) *) وقوله " * (فلما أسفونا إنتقمنا) *) ونحوهما " * (وإن كانت) *) وقد كانت توليه القبلة وتحويلها فأنث الفعل لتأنيث الاسم كقولهم: ذهبت بعض أصابعه وقيل: هذه الكناية راجعة إلى القبلة بعينها أراد وان كانت الكعبة.
" * (لكبيرة) *) ثقيلة شديدة. " * (إلا على الذين هدى الله) *) أي هداهم الله وقال سيبويه: (وان) تأكيد منه باليمين ولذلك دخلت اللام في جوابها.
" * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) *) وذلك إن يحيى بن أخطب وأصحابه من اليهود قالوا للمسلمين: أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس أكانت هدى أم ضلاله؟ فإن كانت هدى فقد تحولتم عنها وان كانت ضلالة لقد دنتم الله بها فإن من مات منكم عليها لقد مات على الضلالة