تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
المملكة، فإن الملك ليس بالوراثة إنما هو بيد الله يؤتيه من يشاء " * (والله واسع عليم) *) فقالوا له: فما آية ذلك " * (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت) *) الآية.
وكانت قصة التابوت وصفتها على ما ذكره أهل التفسير وأصحاب الأخبار: إن الله تعالى أنزل تابوتا على آدم فيه صور الأنبياء من أولاده، وفيه بيوت بعدد الأنبياء كلهم، وآخر البيوت بيت محمد صلى الله عليه وسلم وصورته موقرة على صور جميع الأنبياء من ياقوتة حمراء قائم يصلي، وعن يمينه الكهل المطيع مكتوب على جبينه هذا أول من يتبعه من أمته أبو بكر، وعن يساره الفاروق مكتوب على جبينه قرن من حديد، لا تأخذه في الله لومة لائم، ومن ورائه ذو النورين آخذ بحجزته، مكتوب على جبهته بار من البررة، ومن بين يديه علي بن أبي طالب شاهر سيفه على عاتقه مكتوب على جبينه: هذا أخوه وابن عمه المؤيد بالنصر من عند الله، وحوله عمومته والخلفاء والنقباء والكوكبة الخضراء، وهم أنصار الله وأنصار رسوله، نور حوافر دوابهم يوم القيامة مثل نور الشمس في دار الدنيا.
وكان التابوت نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين وكان من عود الشمشار الذي يتخذ منه الأمشاط مموه بالذهب، وكان عند آدم ج إلى أن مات ثم عند شيث ثم توارثها أولاد آدم إلى أن بلغ إبراهيم، فلما مات كان عند إسماعيل لأنه أكبر ولده، فلما مات إسماعيل كان عند ابنه قيذار فنازعه ولد إسحاق، وقالوا: إن النبوة قد صرفت عنكم فليس لكم إلا هذا النور الواحد، فأعطنا التابوت، فكان قيذار يمتنع عليهم ويقول: إنه وصية أبي ولا أعطيه أحدا من العالمين.
قال: فذهب ذات يوم يفتح ذلك التابوت فعسر عليه فتحه فناداه مناد من السماء: مهلا يا قيذار فليس لك إلى فتح هذا التابوت سبيل، لأنه وصية نبي فلا يفتحه إلا نبي فادفعه إلى ابن عمك يعقوب إسرائيل الله.
فحمل قيذار التابوت على عنقه وخرج يريد أرض كنعان، وكان بها يعقوب، فلما قرب منه صر التابوت صرة سمعها يعقوب فقال لبنيه: أقسم بالله لقد جاءكم قيذار بالتابوت فقوموا نحوه، فقام يعقوب وأولاده جميعا إليه، فلما نظر يعقوب إلى قيذار استعبر باكيا وقال: يا قيذار مالي أرى لونك متغيرا وقوتك ضعيفة، أرهقك عدو أم أتيت معصية قد رابتك؟ فقال: ما رهقني عدو ولا أتيت معصية ولكن نقل من ظهري نور محمد صلى الله عليه وسلم فلذلك تغير لوني وضعف ركني.
قال: أفمن بنات إسحاق؟ قال: لا في العربية الجرهمية وهي الغاضرة، قال يعقوب: بخ بخ بشرها بمحمد، لم يكن الله عز وجل ليخزنه إلا في العربيات الطاهرات، يا قيذار وأنا مبشرك ببشارة قال: وما هي؟ قال: اعلم أن الغاضرة قد ولدت لك البارحة غلاما، قال قيذار:
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»