تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
" * (والملائكة) *).
قرأ ابن جعفر بالخفض: عطفا على الغمام وتقديره مع الملائكة، تقول العرب: أقبل الأمير في العسكر أي مع العسكر.
وقرأها الباقون: بالرفع على معنى إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام، يدل عليه قراءة أبي حاتم وعبد الله " * (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة) *).
" * (في ظلل من الغمام) *).
أبو العالية والربيع: تأتيهم الملائكة في ظلل من الغمام ويأتي الله تعالى فيما يشاء.
قرأ معاذ: في ظلل مع الغمام وقضاء الأمر (بالمد) أراد المصدر ذكر البيان عن مغني الإتيان.
واختلف الناس في ذلك، فقال بعضهم: (في) بمعنى الباء، وتعاقب حروف الصفات شائع مشهور في كلام العرب، تقدير الآية: إلا أن يأتيهم الله بظلل من الغمام وبالملائكة أو مع الملائكة، وبهذا التأويل زال الإشكال وسهل الأمر (وأجرى) الباقون للآية فهي ظاهرة.
ثم اختلفوا في تأويلها ففسره قوم على الإتيان الذي هو الإنتقال من مكان إلى مكان وأدخلوا فيه بلا كيف (يدل عليه) ظواهر أخبار وردت لم يعرفوا تأويلها وهذا غير مرضي من القول لأنه إثبات المكان لله سبحانه، وإذا كان متمكنا وجب أن يكون محدودا متناهيا ومحتاجا وفقيرا، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقال بعض المحققين الموفقين أظنه علي بن أبي طالبج: (من زعم أن الله تعالى من شيء أو في شيء أو على شيء فقد ألحد، لأنه لو كان من شيء لكان محدثا، ولو كان في شيء لكان محصورا، ولو كان على شيء لكان محمولا).
وسكت قوم عن الخوض في معنى الإتيان فقالوا: نؤمن بظاهره ونقف عن تفسيره؛ لأنا قد نهينا أن نقول في كتاب الله تعالى ما لا نعلم ولم ينبهنا الله تعالى ولا رسوله على حقيقة معناه.
قال يحيى: هذه من (المكتوم) الذي لا يفسر، وكان مالك والأوزاعي ومحمد وإسحاق وجماعة من المشايخ يقولون فيه وفي أمثاله أمروها كما جاءت بلا كيف.
وزعم قوم أن في الآية إضمارا أو اختصارا تقديرها: إلا أن يأتيهم أمر الله وهو الحساب والعذاب، دل عليه قوله: " * (وقضي الأمر) *) الآية وجب العذاب وفرغ من الحساب، قالوا هذا
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»