تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢١٤
قيل: وجر إلى باب سبط آخر فاختصم فيه السبطان.
وقال ابن سيرين: قتله القاتل ثم احتمله فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يطلب بثأره ودمه ويدعيه عليه. قال: فجاء أولياء القتيل إلى موسى وأتوه بناس وادعوا عليهم القتل وسألوا القصاص فسألهم موسى عن ذلك فجحدوا فاشتبه أمر القتيل على موسى ووقع بينهم خلاف.
وقال الكلبي: وذلك قبل نزول القسامة في التوراة فسألوا موسى أن يدعوا الله ليبين لهم ذلك فسأل موسى ربه فأمرهم بذبح بقرة. فقال لهم موسى: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * * (قالوا أتتخذنا هزوا) *) يا موسى أي أتستهزيء بنا حين نسألك عن القتيل وتأمرنا بذبح البقرة وإنما قالوا ذلك لتباعد الأمرين في الظاهر، ولم يدروا ما الحكمة فيه.
وقرأ ابن محيصن: أيتخذنا بالياء قال: يعنون الله ولا يستبعد هذا من جهلهم لأنهم الذين قالوا " * (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) *).
وفي هذا ثلاثة لغات هزوا: بالتخفيف والهمز ومثله كفوا وهي قراءة الأعمش وحمزة وخلف وإسماعيل.
وهزوا وكفوا مثقلان مهموزان وهي قراءة أبي عمرو وأهل الحجاز والشام واختيار الكسائي وأبي عبيد وأبي حاتم.
وهزوا وكفوا مثيلان بغير همزة وفي رواية حفص بن سليمان البزاز عن عاصم وكلها لغات صحيحة معناها الاستهزاء فقال لهم موسى ج: " * (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) *) أي من المستهزئين بالمؤمنين فلما علم القوم إن ذبح البقرة عزم من الله عز وجل سألوه الوصف.
" * (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) *) ولو أنهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم وإنما كان تشديدهم تقديرا من الله عز وجل وحكمة، وكان السبب في ذلك على ما ذكره السدي وغيره.
إن رجلا في بني إسرائيل كان بارا بأبيه وبلغ من بره به إن رجلا أتاه بلؤلؤة فأبتاعها بخمسين ألفا وكان فيها فضل فقال للبائع أبي نائم ومفتاح الصندوق تحت رأسه فأمهلني حتى يستيقظ وأعطيك الثمن. قال: فأيقظ أباك وأعطني المال. قال: ما كنت لأفعل ولكن أزيدك عشرة آلأف فانتظرني حتى ينتبه أبي.
فقال الرجل: فأنا أعط عنك عشرة آلاف إن أيقظت أباك وعجلت النقد. قال: وأنا أزيدك عشرين ألفا إن انتظرت انتباه أبي. ففعل ولم يوقظ الرجل أباه فأعقبه بره بأبيه أن جعل تلك البقرة عنده وأمر بني إسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»