تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
" * (وإذ استسقى موسى لقومه) *) السين فيه: سين المسألة، مثل استعلم واستخبر ونحوهما، أي سأل السقيا لقومه وذلك أنهم عطشوا في التيه فقالوا: يا موسى من أين لنا الشراب، فاستسقى لهم موسى فأوحى الله عز وجل إليه:
" * (فقلنا اضرب بعصاك الحجر) *) وكان من آس الجنة طوله عشرة أذرع على طول موسى وله شعبتان متقدتان في الظلمة نورا واسمه غليق، وكان آدمج حمله معه من الجنة إلى الأرض فتوارثته الأصاغر عن الأكابر حتى وصل إلى شعيب فأعطاه لموسى.
" * (الحجر) *) واختلفوا فيه، فقال وهب بن منبه: كان موسى صلى الله عليه وسلم يقرع لهم أقرب حجر من عرض الحجارة فيتفجر منها لكل سبط عين وكانوا اثني عشر سبطا، ثم يسيل في كل عين جدول إلى السبط الذي أمر سقيهم، ثم أنهم قالوا: إن فقد موسى عصاه، فأوحى الله تعالى إلى موسى لا تقرعن الحجارة ولكن كلمها تطعك لعلهم يعتبرون.
فقالوا: كيف بنا لو أفضينا إلى الرمل والى الأرض التي ليست فيها حجارة، فحمل موسى معه حجرا فحيث نزلوا ألقاه.
وقال الآخرون: كان حجرا مخصوصا بعينه، والدليل عليه قوله تعالى: " * (الحجر) *) فأدخل الألف واللام للتعريف مثل قولك: رأيت الرجل، ثم اختلفوا فيه ما هو.
فقال ابن عباس: كان حجرا خفيفا مربعا مثل رأس الرجل أمر أن يحمله وكان يضعه في مخلاته فإذا إحتاجوا إلى الماء وضعه وضربه بعصاه.
وفي بعض الكتب: إنها كانت رخاما.
وقال أبو روق: كان الحجر من الكدان وكان فيه اثنا عشرة حفرة ينبع من كل حفرة عين ماء عذب فرات فيأخذوه، فإذا فرغوا وأراد موسى حمله ضربه بعصاه فيذهب الماء وكان يستسقي كل يوم ستمائة ألف.
وقال سعيد بن جبير: هو الحجر الذي وضع موسى ثوبه عليه ليغتسل حين رموه بالأدرة ففر الحجر بثوبه ومر به على ملأ من بني إسرائيل حتى ظهر إنه ليس بأدر، فلما وقف الحجر أتاه جبرئيل فقال لموسى: إن الله يقول إرفع هذا الحجر فان فيه قدرة، فلك فيه معجزة، وقد ذكره الله تعالى في قوله: " * (يا أيها الذين آمنوا لا تكونو كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) *). فحمله موسى ووضعه في مخلاته فكان إذا احتاج إلى الماء ضربه بالعصا، وهو ما روي عن أبي هريرة إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»