تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١ - الصفحة ٢٠٠
ويتضرع ويقول: يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ولو شئت أهلكتهم من قبل، ويا ربي " * (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) *) فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله تعالى جميعا رجلا بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون، فذلك قوله تعالى:
" * (ثم بعثناكم) *) أحييناكم " * (من بعد موتكم) *) لتستوفوا بقية آجالكم وأرزاقكم، وأصل البعث: إثارة الشيء من (مكمنه).
يقال: بعثت البعير، وبعثت النائم فانبعث.
" * (لعلكم تشكرون وظللنا عليكم الغمام) *) في التيه تقيكم حر الشمس، وذلك أنهم كانوا في التيه ولم يكن لهم كن يسترهم فشكوا ذلك إلى موسى، فأنزل الله عليهم غماما أبيضا رقيقا وليس بغمام المطر بل أرق وأطيب وأبرد والغمام: ما يغم الشيء أي يستره وأظلهم فقالوا: هذا الظل قد جعل لنا فأين الطعام، فأنزل الله عليهم المن.
واختلفوا فيه، فقال مجاهد: وهو شيء كالصمغ كان يقع على الأشجار وطعمه كالشهد.
الضحاك: هو الطرنجبين.
وقال وهب: الخبز الرقاق. السدي: عسل كان يقع على الشجر من الليل فيأكلون منه.
عكرمة: شيء أنزله الله عليهم مثل الزيت الغليظ، ويقال: هو الزنجبيل.
وقال الزجاج: جملة المن ما يمن الله مما لا تعب فيه ولا نصب.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم (الكماة من المن وماءوها شفاء للعين).
وكان ينزل عليهم هذا المن كل ليلة تقع على أشجارهم مثل الملح، لكل إنسان منهم صاع كل ليلة قالوا يا موسى: مللنا هذا المن بحلاوته، فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم، فدعا عليه السلام، فأنزل الله عليهم السلوى.
واختلفوا فيه، فقال ابن عباس وأكثر المفسرين: هو طائر يشبه السماني.
أبو العالية ومقاتل: هو طير أحمر، بعث الله سحابة فمطرت ذلك الطير في عرض ميل وقدر طول رمح في السماء بعضه على بعض.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»