أما النداء ف ' يا ' وأما التنبه ف ' يا أيها '، وأما سمعت فقولها ' النمل '، وأما أمرت فقولها ' أدخلوا ' وأما نصت فقولها ' مساكنكم '، وأما جددت فقولها ' لا يحطنكم '، وأما خصت فقولها ' سليمان '، وأما عمت فقولها ' وجنوده '، وأما أشارت فقولها ' وهم '، وأما عزرت فقولها ' لا يشعرون '، وأدت خمس حقوق: حق الله، وحقا له، وحقا لها، وحقا لكم، فحق الله انها استرعيت على النمل فرعتهم وأما حقا له فأدت حق سليمان في تنبيهه على حق النمل وأما حق لها فإنها أسقطت حق الله عنها في تضحيتها لهم، وأما حق لهم فإنها نصحتهم حتى دخلوا مساكنهم وأما حق لكم فللخلق جميعا في استرعاء من رعاه الله حقه وحفظ ذلك عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ' ألا كلكم راع وكلكم مسؤول على رعيته '.
سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت أبا بكر الحواس قال: سمعت محمد بن علي الترمذي يقول: لم يضحك سليمان في عمره إلا مرتين مرة يوم اخذ الضحاك، ومرة حين اشرف على واد النمل، وذلك أنه رأى النمل على كبر الثعالب لها خراطيم وأنياب، فقال رئيس النمل للنمل: * (ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) * فخرج كبير النمل في عظم الجواميس فلما نظر إليه سليمان هاله فأراه الخاتم فخضع له ثم قال له هذه كلها نمل فقال: إن النمل أكثر من ذلك إنها ثلاثة أصناف صنف من الجبال، وصنف من القرى، وصنف من المدن. فقال سليمان: اعرضها علي، فقال له: قف ثم نادى ملك النمل فأقبلت كراديس وعساكر فبقى سليمان سبعين يوما واقفا تمر هي عليه، فقال: هي انقطعت عساكرهن فقال ملك النمل: لو وقفت إلى يوم القيامة ما انقطعت.
سمعت الحسين بن يحيى يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد رحمه الله يقول: قال سليمان عليه السلام لعظيم النمل لم قلت للنمل: ادخلوا مساكنكم، أخفت عليهم منى ظلما؟ قال: لا، ولكن خشيت أن يفتنوا بما يروا من ملكك فيشغلهم ذلك عن طاعة ربهم.