تفسير السلمي - السلمي - ج ٢ - الصفحة ٨٦
قال ابن عطاء: اصابتك بركة النار بموارد الأنوار عليك ومخاطبة الحق إياك فإنك آنست في الظاهر نارا فآنست بها وكان في الحقيقة أنوار فأزال عنك أنسك بها، وخصك بالأنس بمنورها، وكلمك، وثبتك عن الكلام، وخصصت بها من بين جميع الرسل.
قوله تعالى * (ولقد آتينا داود وسليمان علما) * [الآية: 15].
قال ابن عطاء: علما بربه، وعلما بنفسه فاثبت لهما علمهما بالله علم أنفسهم، وأثبت لهما علمهما بأنفسهما حقيقة العلم بالله لذلك قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: من عرف نفسه فقد عرف ربه.
قال الجنيد رحمه الله: في قوله: * (ولقد آتينا داود وسليمان علما) * قال الجنيد:
علمناهم ' بسم الله الرحمن الرحمن ' فورث ذلك سليمان من أبيه داود، وكتبه في صدور كتبه فلذلك قالت بلقيس: * (إنه كتاب كريم) * لأنه مفتتح ب ' بسم الله الرحمن الرحيم ' ولم أر قبله مفتتحا بهذه الفاتحة.
* (وورث سليمان داود) * [الآية: 16].
قال أبو بكر بن طاهر: ورث سليمان من أبيه داود العلم وكذلك كانت وراثة الأنبياء.
وقال ابن عطاء رحمه الله: ورث منه صدق الالتجاء إلى ربه وتهرقة نفسه في جميع الأحوال.
قوله تعالى: * (علمنا منطق الطير) * [الآية: 16].
سمعت أبا عثمان المغربي يقول: من صدق مع الله في أحواله فهم عنه كل شيء، وفهم عن كل شيء فيكون له في أصوات الطير وصرير الأبواب علما يعلمه وبيانا يبينه.
قال محمد بن حامد العارف: يرى فضل الله عليه في جميع الأحوال ولا يرى لنفسه ذلك سببا ألا ترى الله يقول حاكيا عن سليمان، ورؤية الفضل عن نفسه في قوله:
* (علمنا منطق الطير) *.
* (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) * [الآية: 18].
سمعت أبا الحسن السلامي يقول: تكلمت النملة بعشرة أجناس من الكلام نادت، ونبهت، وسمعت وأمرت ونصت وجددت، وخصت، وعمت، وأشارت وعذرت،
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»